مرّ ذكرها هي حملات ثلاث : حملة فتح أنطاكية ، وحملة فتح دمشق ، وحملة فتح القدس ، فمن المحتمل أن تكون احدى هذه الحملات قد طالت أذرعات في أواخر حدود الاردن نحو الحجاز ولكنها لا تتناسب مع زمان نزول سورة الروم قبيل الهجرة بقليل ، إذ الاولى كانت في ٦١١ م أي الثانية للبعثة ، والثانية كانت في ٦١٤ م أي في الخامسة للبعثة ، والثالثة كانت في ٦١٥ م أي السادسة للبعثة. بينما القريب المحتمل أن لا تكون الوقعة في أقل من السنة الثامنة للبعثة أي سنة ٦١٧ م وفيها كانت حملة القائد الايراني شاهين على كاپادوكية وكالسدونة ووصولهم الى أبواب مدينة القسطنطينية على ساحل بحر البوسفور. فهذه الحملة تحتمل الانطباق على قول الشيخ الطوسي بأن المراد أدنى الأرض من جهة عدوّهم (١) والّذي نقله الطبرسي عن مجاهد بأن المقصود من «أدنى الأرض» هو أدنى الأرض الى أرض فارس ، أقرب أرض الروم الى فارس (٢).
أمّا ما قاله الطبرسي : كان بيت المقدس لأهل الروم كالكعبة للمسلمين ، فدفعتهم فارس عنه ، وروي أنهم استردوا بيت المقدس وأن ملك الروم مشى إليه شكرا وبسطت له الرياحين فمشى عليها (٣).
فقد مرّ أن القرآن قد عبّر عن المسجد في مدينة القدس بجوار بيت المقدس ب «المسجد الأقصى» ولا يسعنا التصديق بأن المسجد أقصى والأرض أدنى «في أدنى الأرض» وليس مقبولا أن تكون الأرض أدنى والمسجد أقصى. ثمّ إن استرداد الروم لبيت المقدس لم ينقل تأريخيا أن يكون على عهد خسرو پرويز وهرقل معاصرا للرسول الكريم صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) التبيان ٨ : ٢٢٩.
(٢) مجمع البيان ٨ : ٤٦٠ وقال : يريد الجزيرة أي الموصل.
(٣) مجمع البيان ٨ : ٤٦٠ ، ٤٦١.