فلمّا سمع أسعد هذا قال : أشهد أن لا آله الّا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله. يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، أنا من أهل يثرب من الخزرج وبيننا وبين اخواننا من الأوس حبال مقطوعة ، فان وصلها الله بك فلا أجد أعزّ منك ، ومعي رجل من قومي فان دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك. والله يا رسول الله لقد كنا نسمع من اليهود خبرك ، وكانوا يبشروننا بمخرجك ، ويخبروننا بصفتك ، وأرجو أن تكون دارنا دار هجرتك وعندنا مقامك ، فقد أعلمنا اليهود ذلك ، فالحمد لله الّذي ساقني إليك. والله ما جئت الّا لنطلب الحلف على قومنا ، وقد آتانا الله بأفضل ممّا أتيت له.
ثمّ أقبل ذكوان. فقال له أسعد : هذا رسول الله الّذي كانت اليهود تبشّرنا به وتخبرنا بصفته ، فهلمّ وأسلم. فأسلم ذكوان.
ثمّ قالا : يا رسول الله ، ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن ويدعو الناس الى أمرك. وكان مصعب بن عمير بن هاشم فتى حدثا مترفا بين أبويه يكرمانه ويفضلانه على أولادهم ، فلمّا أسلم جفاه أبواه ، ولم يخرج من مكّة فكان مع رسول الله في الشعب حتّى تغيّر وأصابه الجهد ، وقد كان تعلم من القرآن كثيرا. فأمره رسول الله صلىاللهعليهوآله بالخروج مع أسعد فخرج هو مع أسعد الى المدينة ، فكان نازلا على أسعد بن زرارة ، يخرج معه في كلّ يوم يطوف على مجالس الخزرج يدعوهم الى الاسلام فيجيبه من كلّ بطن الرجل والرجلان من الأحداث.
فقال أسعد لمصعب : انّ خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس ، وهو رجل عاقل شريف مطاع في بني عمرو بن عوف ، فان دخل في هذا الأمر تم لنا أمرنا ، فهلمّ نأتي محلتهم.
فجاء مصعب مع أسعد الى محلّة سعد بن معاذ. فبلغ ذلك سعد بن معاذ فقال لاسيد بن حضير وكان من أشرافهم : بلغني إن أبا أمامة أسعد بن زرارة قد جاء الى محلتنا مع هذا القرشيّ يفسد شبابنا ، فاته وانهه عن ذلك.