وجاء جبرئيل فأخذ بيد رسول الله فأخرجه على قريش وهم نيام وهو يقرأ عليهم : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) وقال له جبرئيل : خذ على طريق ثور. وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور. فدخل الغار (١).
وروى الطوسي في أماليه بسند عن الواقدي بسنده عن ابن عباس قال : اجتمع المشركون في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله ، وأتى جبرئيل رسول الله فأخبره الخبر ، وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة. فلمّا أراد رسول الله المبيت أمر عليا عليهالسلام أن يبيت في مضجعه صلىاللهعليهوآله. فبات علي عليهالسلام وتغشى ببرد أخضر حضرمي كان لرسول الله ينام فيه ، وجعل السيف الى جنبه. فلمّا اجتمع اولئك النفر من قريش يطوفون ويرصدونه يريدون قتله ، خرج رسول الله وهم جلوس على الباب خمسة وعشرون رجلا ، فأخذ حفنة من البطحاء ثمّ جعل يذرّها على رءوسهم وهو يقرأ (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) حتّى بلغ (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) فقال لهم قائل : ما تنتظرون؟ قالوا : محمّدا. قال : خبتم وخسرتم قد والله مرّ بكم فما منكم رجل الا وقد جعل على رأسه ترابا! قالوا : والله ما أبصرناه! (٢).
وروى الحبري في «ما نزل من القرآن في أهل البيت» بسنده عن ابن عباس أيضا قال : لما انطلق النبيّ صلىاللهعليهوآله الى الغار فأنام عليا عليهالسلام مكانه وألبسه برده وجاءت قريش تريد أن تقتل النبيّ صلىاللهعليهوآله فجعلوا يرمون عليا وهم يرون أنّه
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٧٥ ، ٢٧٦ ونقله الطبرسي في اعلام الورى : ٦١ ، ٦٣ والقطب الراوندي في قصص الأنبياء : ٣٣٥ ـ ٣٣٧.
(٢) أمالي الطوسي ٢ : ٦٠ وعنه في البحار ١٩ : ٥٣ ، ٥٤ ورواه ابن اسحاق عن محمّد ابن كعب القرظي ٢ : ١٢٧.