فنهضا معهم حتّى وصلوا الى الغار ، ثمّ رجع هند الى مكّة بما أمره به رسول الله ، ودخل رسول الله وأبو بكر الغار.
فلمّا غلّق الليل أبوابه وأسدل أستاره وانقطع الأثر أقبل القوم على علي عليهالسلام يقذفونه بالحجارة فلا يشكّون أنّه رسول الله حتّى اذا برق الفجر وأشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا على علي عليهالسلام ـ وكانت دور مكّة يومئذ سوائب لا أبواب لها ـ فلمّا بصر بهم علي عليهالسلام قد انتضوا السيوف وأقبلوا عليه بها يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة وثب عليّ فختله وهمز يده فجعل خالد يقمص قماص البكر ويرغو رغاء الجمل ويذعر ويصيح ، وهم في عرج الدار من خلفه ، وشدّ عليهم علي عليهالسلام بسيفه ـ يعني سيف خالد ـ فاجفلوا أمامه إجفال النعم الى ظاهر الدار ، وتبصّروه فاذا علي عليهالسلام ، قالوا : وانك لعلي؟ قال : أنا علي ، قالوا : فانّا لم نردك فما فعل صاحبك؟ قال : لا علم لي به. فاذكت قريش عليه العيون وركبت في طلبه الصّعب والذلول (١).
وقال القمي في تفسيره : فلمّا أمسى رسول الله جاءت قريش ليدخلوا عليه فقال أبو لهب : لا أدعكم أن تدخلوا بالليل فان في الدار صبيانا ونساء ولا نأمن أن تقع بهم يد خاطئة ، فنحرسه الليلة فاذا أصبحنا دخلنا عليه. فناموا حول حجر رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وأمر رسول الله أن يفرش له ففرش له ، فقال لعلي بن أبي طالب : أفدني بنفسك ، قال : نعم يا رسول الله. قال : نم على فراشي والتحف ببردتي. فنام على فراش رسول الله والتحف ببردته.
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٤٦٣ الحديث ١٠٣١.