وذكر الطبرسي الخبر في «إعلام الورى» بلا رواية قال : وتبعه صلىاللهعليهوآله وهو متوجه الى المدينة سراقة بن جعشم المدلجي طالبا غرّته ليحظى بذلك عند قريش ، حتّى اذا أمكنته الفرصة في نفسه وأيقن أن قد ظفر ببغيته ، ساخت قوائم فرسه ، حتّى تغيّبت بأجمعها في الأرض ، وهو بموضع جدب وقاع صفصف. فعلم أن الّذي أصابه سماوي فنادى : يا محمّد أدع ربك يطلق لي فرسي وذمة الله عليّ أن لا أدلّ عليك أحدا. فدعا له ، فوثب جواده كأنّه أفلت من انشوطة ، وكان رجلا داهية فعلم بما رأى أنّه سيكون له نبأ فقال : اكتب لي أمانا فكتب له وانصرف (١).
فلمّا كان من الغد وافته قريش فقالوا : يا سراقة هل لك علم بمحمّد؟ قال : قد بلغني أنّه قد خرج عنكم ، وقد نفضت هذه الناحية لكم ولم أر أحدا ولا أثرا ، فارجعوا فقد كفيتكم ما هاهنا (٢) فقال أبو جهل في أمر سراقة أبياتا ، فأجابه سراقة :
أبا حكم ، والله لو كنت شاهدا |
|
لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه |
علمت ولم تشكك بأن محمّدا |
|
نبيّ ببرهان ، فمن ذا يقاومه |
عليك بكف الناس عنه ، فانّني |
|
أرى أمره يوما ستبدو معالمه (٣) |
__________________
(١) إعلام الورى ١ : ٧٧ ، ٧٨.
(٢) إعلام الورى : ٦٤.
(٣) إعلام الورى : ٢٤ نقلا عن محمّد بن اسحاق ، ولا توجد في سيرته برواية ابن هشام ، فرواها المحققون في الهامش ٢ : ١٣٥ عن الروض الانف للسهيلي. فلعل الطبرسي نقلها عن سيرة ابن اسحاق نفسه ، وقد صرّح ابن هشام في مقدمته بحذفه كثيرا من الأشعار. وتمام خبر الكتاب عند ابن اسحاق عن سراقة قال : فكتب لي كتابا في عظم أو رقعة او خزفة (!) ثمّ ألقاه إليّ فأخذته فجعلته في كنانتي ورجعت وسكت حتّى اذا كان فتح مكّة وفرغ من حنين والطائف فخرجت ومعي الكتاب لألقاه فلقيته بالجعرانة ... فدنوت منه فاسلمت ثمّ رجعت الى قومي فسقت صدقتي إليه. ابن اسحاق في السيرة٢ : ٦٣٥. وروى البيتين الاوليين اليعقوبي ٢ : ٤٠ ط بيروت.