يريض الرهط فحلب فيه ثجّا حتّى علته ثمالته فسقاها ، فشربت حتّى رويت ، ثمّ سقى أصحابه فشربوا حتّى رووا ، فشرب هو آخرهم وقال : ساقي القوم آخرهم شربا. فشربوا جميعا علّا بعد نهل حتّى أراضوا ، ثمّ حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغدوا عندها ثمّ ارتحلوا عنها.
فقلّما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق عنزا عجافا هزّلا ، ومخاجهنّ قليل ، فلمّا رأى اللبن قال : من أين لكم هذا؟ والشاة عازب ولا حلوب في البيت؟ قالت : لا والله الّا أنه مرّ بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت (١).
وروى الكليني في «روضة الكافي» بسنده عن الصادق عليهالسلام قال : كانت قريش قد جعلت لمن يأخذ رسول الله لما خرج من الغار متوجها الى المدينة مائة من الابل ، فخرج سراقة بن مالك بن جعشم فيمن يطلب ، فلحق برسول الله ، فقال رسول الله : اللهم اكفني شر سراقة بما شئت. فساخت قوائم فرسه ، فثنى رجله وقال : يا محمّد ، اني علمت أنّ الّذي أصاب قوائم فرسي إنّما هو من قبلك ، فادع الله أن يطلق لي فرسي ، فلعمري ان لم يصبكم مني خير لم يصبكم مني شر. فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله فأطلق الله عزوجل فرسه ، فعاد في طلب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فعل ذلك ثلاث مرات ، كلّ ذلك يدعو رسول الله فتأخذ الأرض قوائم فرسه ، فلمّا أطلقه في الثالثة قال : يا محمّد ، هذه ابلي بين يديك فيها غلامي ، وإن احتجت الى ظهر أو لبن فخذ منه ، وهذا سهم من كنانتي علامة ، وأنا أرجع فأردّ عنك الطلب. فقال : لا حاجة لي فيما عندك (٢).
__________________
(١) إعلام الورى : ٢٤ وذكره في الخرائج ١ : ١٤٦ ، ١٤٧ ، خ ٢٣٤ وفيه أنه قصد رسول الله فآمن هو وأهله.
(٢) روضة الكافي : ٢١٩ وفي البحار ١٧ : ٣٧٨ و ١٩ : ٨٨ عنه ومختصر الخبر في قرب الاسناد : ٢٤٨ ، الحدبث ١٢٢١ عن الكاظم عليه السلام.