في ذلك؟ فقال إبراهيم : نعم. فأذنت ، فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم ، فأنست هاجر أمّ إسماعيل بهم.
فلمّا زارهم إبراهيم في المرّة الثالثة نظر إلى كثرة الناس حولهم فسرّ بهم سرورا شديدا. وكانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل كلّ واحد منهم شاة وشاتين فكانت هاجر وإسماعيل يعيشان بها.
فلمّا بلغ إسماعيل مبلغ الرجال أمر الله إبراهيم عليهالسلام أن يبني البيت ، فقال : يا ربّ في أيّ بقعة؟ قال : في البقعة التي أنزلت على آدم القبّة فأضاء لها الحرم فلم تزل البقعة التي أنزلتها على آدم قائمة حتّى كان طوفان نوح فلما غرقت الدنيا رفعت تلك القبة وغرقت الدنيا إلّا موضع البيت. فبعث الله جبرئيل عليهالسلام فخطّ له موضع البيت ، وأنزل الله عليه القواعد من الجنّة ، ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى ، وبنى إبراهيم البيت فرفعه إلى السماء تسعة أذرع (١). وكان الحجر الذي أنزله الله على آدم أشدّ بياضا من الثلج ، فاستخرجه إبراهيم عليهالسلام ووضعه في موضعه الذي هو فيه. وجعل له بابين : بابا إلى المشرق وبابا إلى المغرب يسمّى المستجار ، ثمّ ألقى عليه الشجر والاذخر (٢) وعلّقت هاجر إلى بابه كساء كان معها فكانوا يكنّون تحته.
فلما بناه وفرغ منه نزل عليهما جبرئيل عليهالسلام يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجّة فقال : يا إبراهيم قم فارتو من الماء. لأنّه لم يكن بمنى وعرفات ماء ، فسمّيت التروية لذلك ، ثمّ أخرجه إلى منى فبات بها ، ففعل به ما فعل بآدم عليهالسلام (٣).
__________________
(١) وكذلك في خبرين في الكافي ٤ : ٢٠٧ الحديث ٨ و ٤ : ٢١٧ الحديث ١ ، وهما في الفقيه ٢ : ٢٤٧ وفي الثاني منهما : والطول ثلاثين ذراعاً والعرض اثنين وعشرين ذراعاً.
(٢) الاذخر : نبات طيب الرائحة.
(٣) تفسير القمي ١ : ٦٠ ـ ٦٢.