وروى علي بن إبراهيم القمّي أيضا عن أبيه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : إنّ إبراهيم عليهالسلام أتاه جبرئيل عند زوال الشمس من يوم التروية فقال : يا إبراهيم ارتو من الماء لك ولأهلك ـ ولم يكن بين مكة وعرفات ماء ـ فسمّيت التروية بذلك. فذهب به حتّى انتهى به إلى منى فصلّى به الظهر والعصر والعشاءين والفجر ، حتّى إذا بزغت الشمس خرج إلى عرفات فنزل بنمرة ، وهي بطن عرفة. فلمّا زالت الشمس خرج واغتسل فصلّى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وصلّى في موضع المسجد الذي بعرفات ـ وقد كانت ثمّة أحجار بيض فادخلت في المسجد الذي بني ـ ثمّ مضى به إلى الموقف فقال : يا إبراهيم اعترف بذنبك ، واعرف مناسكك. ولذلك سميت عرفة. فأقام به حتّى غربت الشمس ، ثمّ أفاض به فقال : يا إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام ـ فسمّيت المزدلفة ـ وأتى به المشعر الحرام ، فصلّى به المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ، ثمّ بات بها فرأى في النوم أنّه يذبح ابنه ... حتّى إذا صلّى بها صلاة الصبح أراه الموقف.
ثمّ أفاض إلى منى فأمره فرمى جمرة العقبة عند ما ظهر له إبليس لعنه الله ، وأمر أهله فسارت إلى البيت ، واحتبس الغلام ، فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى ، فاستشار ابنه وقال ـ كما حكى الله (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) فقال الغلام ـ كما حكى الله (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)(١).
وأقبل شيخ فقال : يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام؟ قال : اريد أن أذبحه! فقال : سبحان الله! تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين!
فقال له إبراهيم : ويلك إنّ الذي بلّغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به!
__________________
(١) الصافّات : ١٠٢.