وقد أشكل عليه الآخوند قدسسره بأنّ حجّية الظنّ لو كانت ملازمة للتشريع صحّ ما ذكرتم من قيام الأدلّة الدالّة على حرمة التشريع على حرمتها ، إلّا أنّ الحقّ أن لا ملازمة بينهما ، لأنّ حجّية الظنّ على الحكومة بناء على الانسداد ليس فيه إسناد إلى المولى حتّى يشمله النهي عن حرمة التشريع مع تحقّق الحجّية فظهر أن الحجّية لا تلازم الإسناد (١).
والحقّ هو ما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره وما ذكر نقضا عليه من حجّية الظنّ على الحكومة قد بيّنّا فيما تقدّم أنّ الظنّ في الحقيقة ليس بحجّة بل أنّ العلم الإجمالي بالتكاليف الّتي هي إحدى مقدّمات الانسداد أوجبت تنجّز التكاليف على المكلّف ، والعمل بالظنّ إنّما هو تبعيض في دائرة الاحتياط حيث يتعذّر أو يتعسّر ، نظير إلزام من اشتبهت عليه القبلة بالصلاة إلى أربع جهات من جهة أنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، فإذا لم يمكنه ذلك إمّا لضيق الوقت أو لغير ذلك من الموانع فيصلّي إلى أيّ الجهات شاء من باب التبعيض في الاحتياط ، فافهم.
وبالجملة فالحجّية في باب الأمارات (بمعنى الوسطيّة في الإثبات لا بمعنى التنجيز والإعذار بل هما من لوازم الحجّية بالمعنى الّذي ذكرناه. وللحجّية بالمعنى المذكور) (٢) ثمرتان تترتّبان عليها :
الاولى : صحّة الاستناد إليها في مقام العمل سواء كانت الشبهة موضوعيّة كما إذا قامت أمارة عيّنت جهة القبلة إلى بعض الجهات المحتملة ، أو حكميّة كما إذا عيّنت التكليف المردّد بين الظهر والجمعة.
الثانية : صحّة إسناد مؤدّاها إلى الله فتقول : مثلا صلاة الجمعة أوجبها الشارع والشارع عيّن جهة القبلة إلى هذه الجهة دون غيرها.
__________________
(١) درر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ٨٣.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.