يدلّ على ذلك أنّه لو كان ظاهر كلام المولى وجوب الصلاة ومع ذلك لم يحصل للمكلّف ظنّ بالوفاق أو حصل له ظنّ بالخلاف فترك فهل يقبّح أحد أخذ المولى له ومؤاخذته إيّاه؟ وبالعكس لو فعل ما دلّ الظهور على وجوبه فقال المولى بعد ذلك : «لم ارده» فللعبد الاحتجاج عليه بظهور كلامه. وبالجملة فالنزاع في الأمر الأوّل نشأ من خلط الجهة الثانية بالجهة الاولى.
الأمر الثاني : وهو أنّه هل يعتبر في حجّية ظواهر الألفاظ كون المخاطب مقصودا بالخطاب أم لا يعتبر ذلك؟ ذكر صاحب القوانين قدسسره أنّه يعتبر في حجّية ظواهر الألفاظ كون المخاطب مقصودا بالخطاب (١) وعليه بنى عدم حجّية ظواهر الأخبار المذكورة في الكتب الأربعة وقال بانسداد باب العلم بالأحكام الشرعيّة (٢) لأنّ الكتاب والإجماع والعقل لا يدلّان (٣) بحسب فهمنا إلّا على أقلّ قليل من الأحكام ، والسنّة المتواترة قليلة أيضا ، وخبر الآحاد ليس بحجّة إمّا لعدم حجّية ظهوره كما عليه صاحب القوانين (٤) أو للخلل في سنده كما اختاره غيره (٥) فتبقى جلّ الأحكام الشرعيّة قد سدّ فيها باب العلم.
ويمكن أن يستدلّ على اختصاص حجّية ظواهر الألفاظ بخصوص المقصود بالخطاب بامور :
الأوّل : أنّ مبنى حجّية الظهور إنّما هو أصالة عدم الغفلة ، وهي غير جارية بالنسبة إلى من لم يقصد إفهامه.
__________________
(١) قوانين الاصول ١ : ٣٩٨ ، ٤٠٣ ، ٤٥١ و ٤٥٢.
(٢) قوانين الاصول ١ : ٤٤٠ وما بعدها.
(٣) كذا في الأصل.
(٤) المصدر المتقدّم ١ : ٤٣٠.
(٥) انظر رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٤ والعدّة ١ : ١٢٦.