وقد ذكر بعض الأعاظم قدّس الله أسرارهم (١) وجها وانسدادا ، وملخّصه : أنّه لو كان الوجه في بطلان إجراء الاصول هو لزوم الخروج من الدين لزم ما ذكرتم إلّا أنّ هنا وجها آخر هو لزوم المخالفة القطعيّة ، وهنا أيضا هذا الوجه جار ، وذلك لأنّ إجراء الاصول يوجب المخالفة القطعيّة ليتمّ انسداد باب العلم فيكون الظنّ حجّة.
والجواب أوّلا : أنّ إجراء الاصول في الموارد المشكوكة في اللغات ليس من الكثرة بحيث يحصل العلم بالمخالفة القطعيّة بل هو قليل جدّا.
وثانيا : أنّه ليس جميع موارده أحكاما إلزاميّة حتّى تكون المخالفة القطعيّة فيها قادحة.
وثالثا : أنّه إذا لم يمكن إجراء الاصول لما ذكره من لزوم المخالفة القطعيّة فلا يلزم تماميّة بقيّة مقدّمات الانسداد بل يحتاط فيها ، ضرورة أنّه لا يلزم من الاحتياط اختلال النظام أو عسر وحرج لقلّتها. فتلخّص أنّه لا حجّة بقول اللغوي بنفسه إلّا أن يفيد الوثوق والاطمئنان فقد عاملهما العقلاء معاملة القطع ولم يردع الشارع عنهما فيستفاد حينئذ منه الإمضاء.
__________________
(١) لم نعثر عليه.