الثاني : دعوى الإجماع على العمل بقول اللغوي وتسالم الفقهاء ـ قدّس الله أسرارهم ـ على العمل به في مقام عروض الشكّ أو النزاع ، والإجماع حجّة فيكون مستندا لحجّية قول اللغوي.
والجواب أوّلا : أنّ الإجماع غير متحقّق في المقام ، ضرورة كثرة من لم يتعرّض لهذه المسألة من العلماء الأعلام.
وثانيا : على تقدير تحقق الإجماع لا يجدي لأنّه تقييدي أي معلوم الوجه ، إذ أنّ وجهه هو ثبوت كون اللغوي من أهل الخبرة أو أنّ باب العلم منسدّ ، وقد أبطلنا الأوّل ، وسيأتي الكلام في بطلان الثاني إن شاء الله تعالى.
وثالثا : أنّ القدر المتيقّن من عملهم هو صورة حصول شرائط الشهادة في المخبرين من العدالة والعدد على القول المشهور.
ورابعا : أنّ عملهم بقول اللغوي لعلّه من باب أنّهم حصل لهم الاطمئنان بقول أهل اللغة ولو من تكثّر النقل.
الثالث : دعوى انسداد باب العلم بخصوصيات الكلمات المذكورة عند اللغويّين وما نطّلع عليه بحسب الفهم المتعارف هو أقلّ قليل من معاني اللغات ، وحينئذ فلو أجرينا الاصول في جميع موارد اللغة يلزم الخروج من الدين (١).
والجواب : أنّ انسداد باب العلم باللغات لا يجدي مع انفتاح باب العلم في الأحكام الشرعيّة ، ومع انسداد باب العلم في الأحكام الشرعيّة لا حاجة إلى الانسداد في اللغات ، ومعلوم أنّ باب العلم بالأحكام الشرعيّة مفتوح ولا يلزم من انسداد باب العلم باللغات إذا أجريت الاصول الخروج من الدين أصلا ، إذ لا ربط للّغة بالدين إلّا أقلّ قليل من كلمات معدودة قليلة جدّا لا يلزم من إعمال الاصول فيها خروج من الدين أصلا.
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٣ : ١٤٣.