تصوّر المنزّل والمنزّل عليه وجهة التنزيل ، فالمنزّل في المقام هو الخبر الحاكي ، والمنزّل عليه هو قول المعصوم عليهالسلام وجهة التنزيل هي التعبّد عملا. وحينئذ فكما يمكن أن يكون موضوع المسألة المنزّل فيقال : الخبر الحاكي هل نزّل منزلة قول المعصوم أم لا؟ كذلك يمكن جعله هو المنزّل عليه فيقال : قول المعصوم عليهالسلام هل نزّل منزلته شيء أم لا؟
ولا يخفى ما فيه من التكلّف أوّلا ، وثانيا أنّ الأثر المطلوب من البحث هو كون الخبر الواحد منزّلا لا أنّ قول المعصوم عليهالسلام هل نزّل منزلته شيء أم لا فتأمّل ، مضافا إلى ما في أصل المبنى من التنزيل الّذي قد مرّ أنّه مستلزم للتصويب المجمع على بطلانه ، وقد ذكرنا أنّ معنى التعبّد هو عبارة عن إعطاء صفة الطريقيّة للمتعبّد به وإلغاء نقصان كشفه بإلغاء احتمال الخلاف.
وبالجملة ، فكون المسألة اصوليّة لا يرتاب فيها ذو مسكة وإن اختلفوا في الطريق المثبت لكونها اصوليّة. وبالجملة أنّ الاختلاف في الطريق الموصل إلى كونها اصوليّة لا في كونها اصوليّة.
وقد أطنبنا الكلام فلنعد إلى المقصود فنقول : ذهب المشهور إلى حجّية الخبر الواحد ، وجماعة ـ منهم السيّد المرتضى (١) وابن زهرة (٢) وابن إدريس (٣) والطبرسي (٤) والقاضي (٥) ـ إلى عدم الحجّية مستدلّين (بامور :
__________________
(١) الذريعة ٢ : ٥٢٨ ، رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٣٠٩.
(٢) الغنية ٢ : ٣٥٦.
(٣) السرائر ١ : ٥١.
(٤) مجمع البيان ٥ : ١٣٣.
(٥) حكاه عنه صاحب المعالم في المعالم : ١٨٩.