على إخبار النافرين ، وكلّ تقييد يوجب أن لا يكون العنوان المطلق الّذي رتّب عليه الحكم ذا أثر لا يمكن أصلا ، لأدائه إلى لغويّة الكلام ، ونظيره في الفقه كثير :
فمنها : قوله في الماء الجاري : «بعضه يطهّر بعضا وأنّه لا ينفعل لأنّ له مادّة» (١) فهذا بإطلاقه شامل لما كان كرّا ولما لم يكن كرّا ، ومفهوم قوله : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» (٢) يقتضي أن ينجس الجاري الّذي هو أقلّ من كرّ بملاقاة النجس ، والتعارض بينهما تعارض العموم إلّا أنّا نقدّم إطلاق الأدلّة الواردة في الجاري لأنّ تقييد الجاري بالكرّية يوجب أن لا يكون لجريانه أثر ، مع أنّ ظاهر حمل الحكم على الجاري في الخبر أنّ له خصوصيّة وأثر.
ومنها : قوله عليهالسلام : «كلّ شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه» (٣) الدالّ بعمومه لغير مأكول اللحم أيضا كالخفّاش ، وقوله عليهالسلام : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (٤) الشامل بعمومه للخفّاش ، والتعارض تعارض العموم من وجه فيقدّم عموم قوله عليهالسلام : «كلّ شيء يطير» لأنّ تقييد الطائر بمأكول اللحم يوجب أن لا يكون لطائريّته أثر ، إذ كلّ مأكول اللحم سواء كان طائرا أم لا فبوله وخرؤه طاهر ، مع أنّ ظاهر قوله : كلّ شيء يطير ، تعليق الحكم على الطائر والتقييد يوجب لغويّة هذا التعليق. ومقامنا من هذا القبيل أيضا ، فإنّ تقييد وجوب الحذر بحصول العلم يوجب أن لا يكون للمورد خصوصيّة ، مع أنّ ظاهر الآية ان الحكم فيها لخصوصيّة في النافر المتفقّه الراجع إلى قومه منذرا.
__________________
(١) لم يرد في رواية لكنّه مضمون بعض الروايات كما ذكر في مستدرك السفينة ٢ : ٤٣٦.
(٢) الوسائل ١ : ١١٧ ، الباب ٩ من أبواب ماء المطلق ، الحديث الأوّل.
(٣) الوسائل ٢ : ١٠١٣ ، الباب ١٠ من أبواب النجاسات ، الحديث الأوّل.
(٤) الوسائل ٢ : ١٠٠٨ ، الباب ٨ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢.