وقد ادّعى صاحب الكفاية قدسسره وجود هذا القسم من التواتر بين هذه الأخبار (١) فإنّا نقطع بأنّ هذه الأخبار المذكورة لا تخلو من خبر صحيح صادر عن المعصوم عليهالسلام.
والميرزا النائيني قدسسره قد أنكر التواتر الإجمالي ولم يجعله من أقسام التواتر (٢) زاعما أنّ كلّ واحد من الأخبار المدّعى أنّها متواترة إجمالا مشكوك صدوره ولا معنى تشترك فيه أصلا ، فمن أين يحصل القطع بصدور واحد منها عن الإمام عليهالسلام.
والإنصاف أنّ إنكار التواتر الإجمالي وعدم عدّه من أقسام التواتر بعيد عن الصواب ، فإنّ الأخبار وإن كانت بلحاظ كلّ واحد واحد محتملة للصدق والكذب ولا قطع بصدورها إلّا أنّها من حيث انضمام غيرها إليها وصيرورتها من الكثرة بحيث يقطع بصدور بعضها نظير المتواتر اللفظي والمعنوي ، فإنّ كلّ واحد منها غير مقطوع الصدور إلّا أنّها من حيث المجموع لا مجال لإنكار القطع بصدورها ، وأحسن مثال لذلك أنّه لا مجال لاحتمال كذب الأخبار الموجودة في كتاب الوسائل بحيث لا يكون منها خبر صحيح أصلا.
والميرزا النائيني بعد أن أنكر عدّ التواتر الإجمالي من أقسام التواتر زعم أنّ الأخبار الدالّة على قبول قول الثقة متواترة معنى فضلا عن انضمام غيرها إليها ، وزعم أيضا أنّ أخصّ تلك الأخبار هي الأخبار الدالّة على قبول قول الثقة (٣).
والإنصاف أنّ أخصّ تلك الأخبار هي الأخبار الدالّة على حجّية خبر العدل الضابط لأنّ في جملتها : فلان مأمون على الدين والدنيا (٤) وخذ بما يقوله أعدلهما (٥)
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٤٧.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ١٩٧.
(٣) المصدر المتقدّم : ١٩٩.
(٤) الوسائل ١٨ : ١٠٦ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٧.
(٥) الوسائل ١٨ : ٧٥ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١ و ٢٠ و ٤٥.