وذلك لأنّا قد برهنّا على عدم إنتاج مقدّمات الانسداد كلّية ، فضلا عن كون الإنتاج بنحو الكشف أو الحكومة فلا حكم في المقام فضلا عن كونه عقليّا غير قابل للتخصيص.
(بقي هنا شيء هو أنّه لو قلنا بتماميّة دليل الانسداد وإفادته حجّية مطلق الظنّ فهل يختصّ بفروع الدين أم يشمل الاصول الاعتقاديّة؟
أمّا الامور المطلوب فيها العلم بنحو الصفتيّة ليخرج به من الظلمات إلى النور كمعرفة الصانع وتوحيده ومعرفة رسوله والأئمّة ، فلا يكفي فيها الظنّ وإن كان خاصّا ، لعدم حصول صفة العلم به ، فإذا لم يكن له طريق إلى العلم بذلك لم ينجّزه الظنّ ، فإن كان فقد الطريق إلى العلم راجعا إلى اختياره كان مقصّرا ومعاقبا وإلّا فلا عقاب عليه لقصوره.
ودعوى استحقاقه العقاب لرجوعه إلى الشقاوة الذاتيّة والذاتي لا يعلّل (١) غير تامّ ، لقبح العقاب على ما ليس بالاختيار.
وأمّا الامور المطلوب فيها عقد القلب كالاعتقاد بالجنّة والنار فيفرق فيها بين الظنّ الخاصّ فهو حجّة ويجوز التعويل عليه ، وبين الظنّ الانسدادي فليس بحجّة ، لعدم تماميّة مقدّمات الانسداد ، لإمكان الاحتياط بعقد القلب على ما هو الواقع وليس فيه عسر وحرج فضلا عن اختلال النظام وعدم الإمكان.
وأمّا الامور الأخر مثل كون الملك الفلاني له خمسون ألف جناح والملك الفلاني كان في زمن النبيّ الفلاني فهل يكون الخبر الموثّق حجّة فيه أم لا؟ الظاهر هو التفصيل بين جعل معنى الحجّية اعتبار ما ليس بعلم علما فتكون الحجّية مجعولة لها وأثرها جواز الإخبار بمؤدّاها للمخاطب ، وجعل الحجّية هو التنجيز والإعذار فلا ، إذ لا واقع في المقام حتّى ينجّزه عند الإصابة أو يوجب العذر عند الخطأ) (٢).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٠١.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.