وإمّا أن يدّعى أنّ صفة القطع من العناوين المحسّنة والمقبّحة نظير الضرب لليتيم تأديبا وظلما في اتّصاف الأوّل بالحسن والثاني بالقبح ، فكذلك القطع بالخمريّة من الصفات المقبّحة لشربه والمحسّنة لتركه وإن لم يكن خمرا بحسب الواقع.
وقد أورد الميرزا النائيني قدسسره عليه أنّ القطع لا يكوّن مصلحة بالفعل ولا مفسدة بالقطع والوجدان ، بمعنى أنّ الوجدان حاكم بعدم كون صفة القطع من الصفات المغيّرة لعنوان المحبوبيّة والمبغوضيّة ولا يكون المبغوض بسببها محبوبا وجدانا ؛ لأنّ انكشاف الشيء لا يزيد عليه شيئا وأيضا أنّ تخصيص الحرمة بالقطع المخالف للواقع فيقال مثلا : أيّها القاطع قطعا مخالفا للواقع اجتنب ، فلا مصداق له ولمطلق القطع يوجب جمع المثلين بنظر المكلّف (١).
والآخوند قدسسره ذكر في مقام الإيراد على أصل الدعوى بأنّ الصفات الّتي توجب تغيّر عناوين الأفعال هي الجهات الاختياريّة للمكلّف الّتي يمكن أن يحقّقها وأن لا يحقّقها ، والقطع وعدمه ليس منها ، لعدم كونها صفة اختياريّة له ، فلا يتحقّق له قصد إليها ، بل إنّما يقصد العقل بعنوانه الواقعي ، بل قد لا يلتفت القاطع إلى ذلك القطع الّذي عنده ، وإنّما الملتفت إليه هو المقطوع (٢).
والجواب عمّا ذكره الآخوند قدسسره هو أنّه ما معنى قولك : «إنّه لا يقصده إلّا بعنوانه الواقعي»؟
إن اريد من القصد الداعويّة أي لا يدعوه إليه إلّا عنوانه الواقعي ، فمعلوم أنّ المغيّرات لعناوين الأفعال لا يلزم أن تكون هي الداعية إليها ، فإنّ ضرب اليتيم الضرب المؤذي لا بداعي الإيذاء ، بل بداعي تجربة العصا قبيح قطعا مع عدم قصد الإيذاء.
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٢ : ٤١.
(٢) انظر كفاية الاصول : ٢٩٩.