وإن كان المراد من القصد الالتفات فلا معنى للترقّي حينئذ بقولك : «بل لا يلتفت إليه» ، إذ هو هو فلا مجال للترقّي.
مع أنّه غير مسلّم ، بل القطع ملتفت إليه قطعا وإلّا فلا يستطيع تصوّر المقطوع إلّا بعد تصوّر القطع إلّا أنّه ملتفت إلى قطعه إجمالا لا تفصيلا ، بل لو لم يكن الالتفات إلى قطعه لكونه طريقيّا كما ادّعى لم يمكن أخذ القطع بحكم موضوعا لحكم شرعا فيسقط القطع الموضوعي كليّة. فظهر أنّ ما ذكره الآخوند قدسسره غير وارد بحسب الظاهر.
ثمّ إنّ ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (من لزوم اجتماع المثلين في نظر القاطع ، فقد اعترف هو بعدم المانع منه ، وأنّه يتأكّد الوجوب أو التحريم في كلّ مجمع لعنوانين بينهما العموم من وجه (١) كما في المقام ، ضرورة أنّ الخمر مثلا قد يكون مقطوعا به وقد لا يكون مقطوعا به ، كما أنّ القطع بالخمريّة قد يكون موافقا للواقع وقد لا يكون فبينهما عموم من وجه حتّى باعتراف القاطع نفسه ، وإن أنكر كون قطعه مخالفا للواقع.
وأمّا ما ذكره) (٢) من القطع بعدم تغيّر الأفعال الواقعيّة بواسطة القطع عن عناوينها الواقعيّة ، فلا يخفى أنّ المراد ليس تغيّر المصالح والمفاسد الواقعيّة ولا المحبوبيّة الواقعيّة والمبغوضيّة الواقعيّة بسبب القطع ، بل المراد اتّصافه بالحسن والقبح عقلا عند العقلاء ، واتّصافه بهما عقلا لا يكاد ينكر أصلا ، لأنّ إقدامه على هذا العمل الّذي قطع بكونه محبوبا للمولى جري على مقتضى العبوديّة وإيفاء المولى حقّه فهو جري على مقتضى العدل ، كما أنّ إقدامه على العمل المقطوع بكونه مبغوضا للمولى
__________________
(١) انظر فوائد الاصول ٢ : ٤٥.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.