المحتمل؟ وعلى تقدير إدراكه من الشرع) (١) فهو واجب مستقلّ يجب العقاب على مخالفته ولو لم يصادف الحرام الواقعي. غاية الأمر أنّه مع عدم المصادفة فالعقاب واحد من جهة مخالفة التكليف النفسي ، ومع المصادفة فعقابان : أحدهما على الحرام الواقعي ، والثاني على ارتكاب محتمل الحرمة. فإذا كان الوجوب نفسيّا فلا يكون بيانا للتكليف الواقعي المجهول أصلا ، إذ المفروض أنّ الوجوب فيه نفسيّ فهو تكليف مستقلّ لا ربط له بالواقع أصلا ، فقاعدة قبح العقاب بلا بيان حينئذ لا معارض لها أصلا. وهذا هو مراد الشيخ الأنصاري قدسسره في فرائده ، مع أنّ محتمل الحرمة يلزم أن يكون ذا عقابين ، ومقطوع الحرمة ذا عقاب واحد ، فيكون ارتكاب محتمل الحرمة أشدّ عقابا من ارتكاب مقطوع الحرمة.
(وإن كان الوجوب فيه غيريّا مقدّميّا فهو مضافا إلى وضوح بطلانه ، لعدم توقّف واجب عليه وجدانا. ولو فرض التوقّف فلا معنى لهذا الوجوب ، إذ أنّ إيجابه حينئذ إنّما هو ليحقّق احتمال الضرر ، وهو بنفس وجوب ذي المقدّمة متحقّق فلا حاجة حينئذ إلى القاعدة) (٢).
وإن كان الوجوب طريقيّا فهو من جهة الواقع فيلزم أن يكون احتمال الضرر موجودا حتّى تثبت هذه القاعدة وجوب دفعه ، كما في الفروج والدماء ، فإنّ أدلّة الاحتياط فيها توجب احتمال العقاب في محتمل التحريم فيتحقّق الموضوع للحكم بوجوب دفع الضرر المحتمل ، وكما في الشبهة البدويّة قبل الفحص عن الحكم في مظانّه. وهذا بخلاف ما نحن فيه فإنّ المفروض أنّ احتمال الضرر إنّما نشأ من هذه القاعدة ، فإذا كان احتمال الضرر ناشئا من هذه القاعدة فكيف تتكفّل لحكمه؟ فيستحيل أن تكون قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل بيانا للتكليف الواقعي.
__________________
(١ و ٢) ما بين القوسين من إضافات الدورات اللاحقة.