المجعولة للواقع وأطرافه جميع الأمارات ، وثالثة يكون القطع بكون الأخبار مثلا فيها مصيبة للواقع وليست كاذبة بأسرها وأطرافه خصوص الأخبار ، ولا ريب أنّ ما وفت به الأخبار من التكاليف أكثر من المعلوم بالإجمال فضلا عن جميع الأمارات إلّا أنّ هذا الانحلال تعبّدي لا وجداني.
فالعلم الإجمالي تارة ينحلّ وجدانا نظير أن يعلم إجمالا نجاسة أحد الإناءين ، ثمّ يحصل له القطع بأنّ النجس الواقعي هو خصوص أحد الإناءين بخصوصه ، فهنا ينحلّ العلم الإجمالي إلى قضيّة متيقّنة واخرى مشكوكة بدوا ، وهو واضح.
وتارة يكون الانحلال انحلالا تعبّديا بمعنى كون الانحلال بواسطة الطرق المجعولة لنا شرعا ، مثل أن يعلم إجمالا بوجود ألف تكليف إلزامي في هذه الشريعة المقدّسة ثمّ يأمر الشارع باتّباع جملة من الأمارات في تعيين تلك الأحكام الشرعيّة ، أمّا بناء على ما هو الحقّ في جعل الأمارات من جعل الطريقيّة والمحرزيّة كما ذهب إليه الميرزا قدسسره (١) فواضح جدّا ، إذ أنّ الشارع قد جعل هذه الأمارات محرزة لتلك الأحكام الواقعيّة المجعولة المجهولة ، غاية الأمر أنّ هذا الانحلال انحلال تعبّدي لا وجداني ، فإذا علمنا بوجود ألف تكليف إلزامي ووفت الأمارات بألفي حكم إلزامي فلا شكّ في انحلال العلم الإجمالي وانقلاب القضيّة المنفصلة إلى حمليّة متيقّنة واخرى مشكوكة. وهذا بناء على جعل الإحراز والطريقيّة في غاية الوضوح ، إذ ينكشف فقدان العلم الإجمالي من أوّل الأمر ، وأنّه بمقتضى جعل الأمارات ليس لنا إلّا قضيّة حمليّة متيقّنة واخرى مشكوكة.
وأمّا بناء على جعل المنجّزية والمعذّرية ـ كما ذهب إليه الآخوند قدسسره (٢) كما تنصّ عليه صريح عبارته ـ فربّما يقال بإعضال الإشكال ، وإنّ الدليل العقلي للأخباري
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٣٦.
(٢) كفاية الاصول : ٣٩٥.