وتقريبه أن يقال : إنّ معنى الانحلال هو أنّ العلم الإجمالي المتركّب من قضيّة منفصلة مانعة الخلوّ وهي قولنا مثلا : إمّا هذا واجب أو ذاك ، وهكذا حتّى يأتي على جميع محتملات الوجوب ، وكذا في المحرّمات هو امتياز الواجب فيه من غير الواجب بمعنى انقلاب تلك القضيّة المنفصلة إلى قضيّة متيقّنة واخرى مشكوكة. والعلم الإجمالي كما تقدّمت الإشارة إليه يتصوّر على أنحاء ، فإنّه تارة يكون منشؤه تأسيس الشريعة فإنّ الشريعة لا يمكن أن تكون خالية من أحكام تخصّها وأطرافه كلّ محتمل التكليف ، واخرى يكون منشؤه القطع بإصابة جملة من هذه الطرق
__________________
ـ الثالثة : أن يحدث العلم التفصيلي بعد العلم الإجمالي إلّا أنّ العلم الإجمالي كان بنجاسة أحد الإناءين وطهارة الآخر ، والعلم التفصيلي قام بأن النجس المعلوم بالإجمال هو هذا وهذا العلم التفصيلي يحل العلم الإجمالي بمعنى أنّه يعلم تفصيلا بأنّ اليميني نجس وأنّ الشمالي طاهر ، وهذا لا كلام فيه إنّما الكلام في :
الصورة الرابعة : وهي أن يحصل علم إجمالي يوم الخميس بنجاسة أحد الإناءين ويحتمل نجاستهما معا إلّا أنّ المعلوم لنا هو نجاسة أحدهما ويحصل العلم التفصيلي في أنّ اليميني نجس قطعا بنجاسة مقارنة للعلم الإجمالي الأوّل من غير أن يبين أنّه هو النجس المعلوم أولا أم غيره فهل يلحق بالصورة الأولى فينحل تنجيز العلم الإجمالي أم بالثانية فلا يقتضي الانحلال؟ الظاهر هو الانحلال ؛ لأنّ التنجيز من صفات العلم الإجمالي فهو دائر مداره حدوثا وبقاء ، وحيث لا وجود للعلم الإجمالي في المقام ؛ لأنّه الآن يحتمل أن يكون النجس المعلوم إجمالا هو الإناء اليميني فلم يبق العلم الإجمالي بعد حدوث العلم التفصيلي ، فيكون الطرف اليساري مشكوكا بدوا من أوّل الأمر فالتنجيز موقوف على علم تفصيلي متأخر بنجاسة متأخّرة لا مقارنة ، إذ لو كانت مقارنة لم ينجّز العلم الإجمالي لكون الطرف الثاني مشكوكا بدوا من أوّل الأمر فافهم.
وبالجملة ، كما أنّ العلم التفصيلي إذا زال بسبب الشكّ الساري زال تنجيزه من ناحية كونه علما فالعلم الإجمالي كذلك في المقام فإنّه زال بقاء فارتفع تنجيزه بارتفاعه ، فافهم.