__________________
ـ وهو أن يقال لكلّ من الإناءين : هذا محتمل النجاسة وذاك محتمل النجاسة ـ مفقود ، إذ المعيّن مقطوع النجاسة فلا يكون محتملها ، فيكون العلم الإجمالي منحلّا بفرد نجس قطعا وجدانا ، وآخر محتمل النجاسة مشكوك بدوا مجرى للبراءة.
نعم ، لو كانت النجاسة المعلومة إجمالا ذات أثر أكثر من أثر الاولى ـ كأن تكون الاولى المعلومة تفصيلا نجاسة دمية والثانية بوليّة ـ لم ينحلّ العلم الإجمالي حينئذ قطعا ، فافهم.
الثانية : أن يحدث العلم الإجمالي أولا ثمّ يحدث علم تفصيلي بنجاسة اليميني معينا فقد حدث العلم التفصيلي بعد تنجيز العلم الإجمالي وتأثيره فلا ينحل العلم الإجمالي ؛ وذلك لأنّ العلم الإجمالي يوم الخميس بنجاسة أحد الإناءين قد حقّق له علما بتكليف إلزامي ، وعلمه التفصيلي يوم الجمعة بنجاسة اليميني معينا لا يقتضي أن يخرج الطرف الشمالي عن كونه من أطراف العلم الإجمالي ؛ لأنّه يوم الجمعة وإن لم يبق علم بتكليف لاحتمال تحقق النجاسة أولا في اليميني فلا تكليف باجتناب الشمالي حينئذ ؛ لأنّ النجاسة التفصيلية قد وقعت على محلّها الإجمالية إلّا أن الاحتمال الثاني لا رافع له وهو احتمال أنّ النجاسة الأولية قد وقعت في الشمالي والشك إنّما هو في مسقط التكليف بعد القطع بتوجهه بالعلم الإجمالي الأول ، وليس ارتفاع العلم الإجمالي الآن رافعا لأثر التكليف المنجز سابقا وإلّا فمعناه الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي وعدم وجوب الموافقة القطعية للتكليف ، وحينئذ فيسري هذا الكلام في كل امتثال ، مثلا من علم بأن تكليفه القصر أو التمام فإذا صلّى قصرا فليس حينئذ علمه الإجمالي باقيا فهل يمكن أن يقال إنّه ينفى التمام بالأصل؟ كلا لا يمكن أن يتفوه بمثل ذلك فقيه ، وليس إلّا لأنّ تلك الحالة التي كانت قبل العلم التفصيلي وهي حالة العلم الإجمالي المحضة قد نجزت التكليف ؛ ولهذا يمكن أن يشار إلى ذلك الوقت فيقال إما اجتناب الإناء اليساري ذلك الوقت لازم أو اليميني فعلا ، والعمدة ما ذكرنا من أنّه يشك في سقوط التكليف بعد إحراز توجهه وفي مثله لا مجال للبراءة أصلا.