أمّا على القول بجعل الطريقيّة والمحرزيّة فقد مرّ.
وأمّا على القول بجعل التنجيز والإعذار فبأن يقال : إنّ الأمارات تنجّز الأحكام الواقعيّة بوجودها الواقعي ، فإخبار زرارة بوجوب صلاة الظهر بوجوده الواقعي منجّز لوجوب صلاة الظهر لا بوجوده العلمي وهو واضح.
نعم ، لو كان بوجوده العلمي وبوصوله إلى المكلّف ينجّز كان ما ذكره قدسسره متوجّها ، ولكنّه ليس كذلك ، بل هو بوجوده الواقعي منجّز. فالأمارات عند حصول العلم الإجمالي كانت منجّزة ، فبوجودها لا ينجّز العلم الإجمالي ، لأنّه لا تبقى قضية منفصلة أصلا ، بل لا تحدث تلك القضيّة المنفصلة المانعة الخلوّ ، بل هو من بدء الأمر ينحاز إلى قضيّة متيقّنة واخرى مشكوكة ، إذ الأمارة بوجودها الواقعي توجب التنجيز والتعذير فعند حدوث العلم الإجمالي يحدث معه أطراف متيقّنة ويحدث معه أطراف أخر مشكوكة ، فلا يوجب التنجيز حينئذ إلى الأطراف المشكوكة من أوّل الأمر لا أنّه ينجّزها ثمّ بعد ذلك يحار في المخرج لها عن كونها من أطراف العلم الإجمالي المنجّز.
فالإنصاف أنّها خارجة من أوّل الأمر عن أطراف العلم الإجمالي المنجّز.
فظهر أنّ شبهة الأخباري وهي العلم الإجمالي مندفعة على جميع الأقوال في جعل الأمارات.
الثاني من تقريب الدليل العقلي على لزوم اجتناب محتمل التحريم ما ذكره بعضهم (١) : من أنّ الأصل في الأشياء الحظر ، بتقريب أنّ الأشياء كلّها ملك لله تبارك
__________________
ـ ووقت الظهر باق فإنّ الصبح تجري فيها البراءة من القضاء أو قاعدة الحيلولة ، وفي الظهر تجري قاعدة الشك في الوقت فيجب الإتيان بها فهذا أيضا بحكم الانحلال لعدم التعارض بين الاصول.
(١) انظر الفوائد المدنية : ٢٣٣ ـ ٢٣٥.