الرابع : هل تشمل هذه الأخبار الشبهات الموضوعيّة أم مختصّة بالشبهات الحكميّة ، فلو قام خبر ضعيف عن النبي صلىاللهعليهوآله يدلّ على كون مكان ما مسجدا فهل يستحبّ الصلاة فيه بأخبار من بلغ أم لا؟ الظاهر عدم الشمول ، لأنّه وإن كان إخبارا عن الحكم بالملازمة إلّا أنّ ظاهر أخبار من بلغه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله كون المخبر به عن النبيّ ممّا هو من وظائفه بما أنّه نبيّ. ومن المعلوم أنّ وظائفه بما هو نبيّ بيان الأحكام الكلّية بنحو القضايا الحقيقيّة ، وأمّا انطباق الصغرى على كبراها وبيان الموضوعات فليس من وظائفه بما أنّه نبيّ.
الخامس : أنّ أخبار من بلغ لا تشمل ما قامت حجّة على تحريمه بعموم أو إطلاق أو نحوهما ، فلو كان هناك عموم أو إطلاق دلّا على حرمة عمل وقام الخبر الضعيف على استحبابه فلا يكون مستحبّا بأخبار من بلغ ، لأنّه قد قامت الحجّة القويّة على ثبوت العقاب عليه ، وبقاعدة الملازمة نعلم أنّه لا ثواب على فعله وإلّا لم يكن معنى للعقاب على فعله ، وبهذين الأمرين نعلم أنّه لا ينبغي الريب في عدم شمول هذه الأخبار الأخبار الضعيفة الواردة في مصائبهم ومعجزاتهم عليهمالسلام لأنّ الصغرى وهي كونها من معجزاتهم غير معلوم أصلا ، وهناك عموم دالّ بعمومه على حرمة القول بغير علم وهذا منه قطعا ، فإنّه قول بغير علم إلّا أن يشير في أوّل كلامه فيقول : روي عن النبيّ ، ولا يقول : قال النبيّ أو الصادق أو الباقر أو غيرهما. فما اختاره الشهيد الأوّل (١) وتبعه عليه الشهيد الثاني (٢) واحتمله الأنصاري في رسالته (٣) من شمول أخبار من بلغ هذا ونحوه لم يعلم وجهه ولم يصلنا ما يدلّ عليه أصلا ، فتأمّل.
__________________
(١) الذكرى ٢ : ٣٤.
(٢) الدراية : ٢٩.
(٣) رسائل فقهيّة : ١٥٩.