بقي الكلام في الثمرة بين القول باستحباب ذات العمل الّذي بلغ عليه الثواب وبين القول بالإتيان بالعمل رجاء ، وكون أخبار من بلغ إرشادا إلى حكم العقل بحسن الانقياد ، ويترتّب عليها ثواب الانقياد من دون أن يكون ذات العمل مستحبّا. والفرق بين القولين أنّه على الأوّل يكون العمل بذاته مستحبّا شرعيّا ، بخلافه على الثاني فإنّه ليس مستحبّا شرعيّا ، بل حسن عقلي ، وحينئذ فلو كان هناك أثر لأحدهما فلا يترتّب على الآخر. فيجوز الإتيان بالعمل لاستحبابه الذاتي على الأوّل ، بخلافه على الثاني فلا يجوز إلّا رجاء لحرمة التشريع.
وقد ذكر هناك ثمرتان :
الاولى : بالنسبة إلى غسل ما استرسل من اللحية في الوضوء لو دلّت على استحبابه رواية ضعيفة ، فلو قلنا بأنّ أخبار من بلغ تجعل الاستحباب لذات العمل فيجوز المسح بماء المسترسل من شعر اللحية للقدمين والرأس ، وإن قلنا بأنّ الأخبار إرشاد إلى حكم العقل باستحسان الإطاعة الاحتماليّة فلا يجوز المسح به أصلا.
وقد أورد الآخوند قدسسره (١) في تعليقته بعدم ترتّب هذه الثمرة وعدم جواز المسح على كلا التقديرين ، لأنّ المسح يلزم أن يكون بماء الوضوء وهذا ليس مسحا بماء الوضوء.
والظاهر أنّ جواب الآخوند قدسسره مبنيّ على استفادته من خبر غسل المسترسل استحبابه النفسي الاستقلالي ، والظاهر أنّ الخبر الدالّ على غسل المسترسل إنّما دلّ على استحبابه جزءا للوضوء فهو من اجزاء الوضوء المستحبّة ، وحينئذ فترتّب الثمرة ممّا لا ريب فيه.
__________________
(١) درر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ٢٢٧.