هذا كلّه حيث يكون المأمور به فعلا محضا أي غير متعلّق بخارج ، وأمّا إذا كان متعلقا بخارج فإمّا أن يكون ذلك الخارج شخصيا كما في قوله : صلّ إلى القبلة ، ضرورة أنّ القبلة شخصية وهي الكعبة ، فلو شك في فرد من أفراد الصلاة أنّه إلى الكعبة أم لا فبما أنّ المأمور به فعل المكلّف وهو الصلاة وقد أخذ بنحو صرف الوجود وإن كان متعلّقه شخصيا فهو شاكّ في تحقّق صرف الوجود بذلك الفرد وهو من مقامات الشكّ في الامتثال للتكليف المعلوم وهو مورد للاشتغال.
وأمّا إذا نهى عن فعل متعلّق لشيء شخصي مثل : لا تبل إلى القبلة ، فلو شكّ في جهة أنّه لو بال إليها بال إلى القبلة أم لا فهنا لا ريب في جريان البراءة لو لا العلم الإجمالي في المقام فإنّ الشكّ في كون جهة هي القبلة أم لا شك في توجه النهي إليها بالانحلال وعدمه ، فالشكّ فيها شكّ في التكليف فتجري البراءة لو لا العلم الإجمالي في المقام.
وإمّا أن يكون ذلك الخارج كليّا ، فتارة يكون النهي عن إيجاد الطبيعة السارية واخرى عن مجموع الحوادث وثالثة عن أوّل الوجودات.
فإن كان بنحو الطبيعة السارية فمعناه توجه النهي بنحو الانحلال إلى جميع الأفراد بنحو يخصّ كلّ فرد نهي مستقل ، فلو شك في فرد أنّه من أفراد تلك الطبيعة أم لا فلا ريب في إجراء البراءة عن التكليف بتركه ، والسرّ فيه بحسب ما ذكره جماعة من الأصوليين منهم الميرزا النائيني قدسسره هو أنّ الموضوع الخارجي الذي هو متعلّق فعل المكلّف يكون من قبيل شرط التكليف فتنحل القضية الحملية وهي : لا تشرب الخمر ، مثلا إلى شرطية وحملية هي : إن وجد الخمر في الخارج فلا تشربه ، وحيث يشكّ في أنّ هذا فرد للخمر أم لا يشكّ في توجه : لا تشربه ، نحوه فتجري البراءة لكون الشكّ فيه شكّا في التكليف.
وما ذكروه تامّ حيث يكون الموضوع المتعلّق لفعل المكلّف غير اختياري ك : لا تشرب الحامض ، وكذا إن كان اختياريا لكنّه مأخوذ في الموضوع باتفاق حصوله