بأن تكون المفسدة المترتبة على الفعل المتعلّق به مترتبة عليه إذا اتفق حصوله كما في قوله : المسافر يقصر أو لا يتم صلاته مثلا ، ففي هاتين الصورتين ما ذكروه من توجيه جريان البراءة بانحلال القضية إلى شرطية وحملية متين ؛ إذ الشك حينئذ يكون في الشبهة الموضوعية إنّما هو من جهة الشكّ في تحقق شرط التكليف الذي هو القدرة ، والشكّ في الشرط شكّ في المشروط فيكون التكليف مشكوكا أيضا فتجري البراءة ولا فرق بين كون التكليف تحريميا كما ذكرنا أو إيجابيا في أنّ أخذ الموضوع الخارجي يقتضي انحلال القضية إلى شرطية وحملية فيشكّ في الشرط المقتضي للشكّ في التكليف فتجري البراءة من ذلك التكليف.
وأمّا إذا كان الموضوع مما يكون محققا لاستيفاء المصلحة الإلزامية بحيث كان الملاك الملزم محقّقا لكن وجوده خارجا يكون مشروطا بشرط وجودي كما في المريض الذي يتوقف شفاؤه على شرب المسهل في مكان بارد مثلا ، فأصل شرب المسهل هو ذو الملاك الإلزامي إلّا أنّ استيفاء ذلك الملاك موقوف على برودة المكان الذي يتناول فيه ، فمثل هذا القيد لا تنحلّ القضية فيه إلى شرطية وحملية ، إذ بعد فرض كون الملاك ملزما وكون الكون في المكان البارد مقدورا له لا معنى لعدم الأمر حينئذ بتلك الطبيعة المطلوبة فلا تنحلّ القضية حينئذ لفرض تحقّق الملاك والقدرة على ما يحصل الملاك حينئذ فيأمر به فلا يكون مثل هذا القيد شرطا للتكليف ، فالكلية المزعومة للميرزا النائيني من انحلال القضايا الحملية إلى شرطية وحملية غير تام على عمومه كما هو واضح ، وإن كان المقام أيضا مما تجري فيه البراءة لكونه مما يشكّ في انطباق المأمور به عليه وعدمه ، فمثلا لو شكّ في كون المكان الفلاني باردا أم لا مع عدم قدرته على غيره فيجري البراءة حينئذ من التكليف لعدم إحرازه القدرة على متعلّق التكليف لاحتمال كونه غير بارد.
وإن كان التكليف قد أخذ فيه أول الوجودات من تلك الطبيعة فإن شكّ في فرد أنّه من أفرادها أم لا فهو مجرى البراءة ، مثلا إذا كان وجوب الزكاة