فإن قلنا بالأوّل فلا مانع من جريان الاستصحاب له ، إذ أنّه قبل لبسه لهذا الثوب كان يصحّ منه الصلاة فإذا شكّ استصحب حاله السابق.
وإن قلنا بالثاني فلا يمكن جريان الاستصحاب في نفس اللباس ، لعدم مسبوقيّته بالحالة المتيقّنة حتّى تستصحب. نعم ، لو شكّ في أنّ الشعرات الّتي سقطت على هذا اللباس شعرات غير المأكول ، أو شعرات المأكول وكان اللباس سابقا يصحّ الصلاة فيه توجّه جريان الاستصحاب حينئذ.
وإن قلنا بالثالث فلا يمكن جريان الاستصحاب ، لعدم اتّصاف الصلاة بهذا الثوب بحالة ؛ إذ لم تكن حتّى تستصحب.
نعم ، لو صلّى بثوب مأكول اللحم ، ثمّ في أثناء الصلاة فيه سقطت عليه شعرات يشكّ فيها ، أو لبس ثوبا آخر يشكّ فيه لا مانع من استصحاب الصحّة في تلك الصلاة ، لأنّ لها حالة سابقة متيقّنة فتستصحب ، والظاهر من المانع كون اتّصاف نفس الصلاة بوقوعها في لباس غير المأكول مانعا ، بمعنى أنّ الظاهر هو الاحتمال الأخير ، لأنّه المستفاد من الأخبار لمن أمعن النظر فيها ، فلا يجري الاستصحاب لنفس الصلاة ، لعدم وقوع الصلاة بهذا الثوب المشكوك حتّى يستصحب حكمها.
نعم ، لو قلنا باستصحاب العدم الأزلي لقلنا بجريان الاستصحاب في الصلاة لو وقعت بهذا الثوب المشكوك ، لأنّ الصلاة قبل لم تكن موجودة ولم تكن مقترنة بالمانع والآن وجدت الصلاة نفسها واقترانها بالمانع غير معلوم فيستصحب عدمه. بل يمكن الاستصحاب وإن لم نقل باستصحاب العدم الأزلي ، وذلك بتمهيد مثال هو : أنّه لو شكّ في انقلاب الخلّ مثلا إلى الخمر فلا ريب في استصحاب الخلّية ، أمّا لو علم بعدم بقائه على الخلّية قطعا لكنّه شكّ في أنّه انقلب خمرا أو شيئا آخر غير الخمر فهنا لا يمكن استصحاب الخلّية ، لفرض العلم بانتفائها إلّا أنّ عدم كونه خمرا لا مانع من استصحابه ، فإنّ هذه المادّة الخاصّة لم تكن خمرا قطعا في زمن ويشكّ في صيرورتها خمرا فيستصحب عدمه.