حينئذ بالتخيير لتحصيل الموافقة الاحتماليّة ، ولكنّه لا يتمّ في مثل المثال الذي ذكرناه في مسألة القصر والإتمام والحكم فيه أجنبي عن الحكم بالتخيير ، إذ الأمر بالصلاة إنّما توجّه نحو الطبيعة المشكوك تقيّدها بالسلام على الركعتين أو بالسلام على أربع ، فالموافقة القطعيّة حينئذ فيها ممكنة بإتيان فردين من الطبيعة بأحدهما يسلّم على الركعتين وبالثاني يسلّم على الأربع. فالعلم الإجمالي حينئذ منجّز ، لإمكان الموافقة القطعيّة بفردين ، فلا ننتهي إلى التخيير ، إذ هو فرع عدم إمكان الموافقة القطعيّة.
وربّما يتوهّم أنّه من جهة حرمة القطع للعمل ، وليس كذلك :
أمّا أوّلا : فلأنّ حرمة قطع العمل لا دليل لها إلّا الإجماع ، والقدر المتيقّن منه حرمة قطع العمل الذي لو أتى المكلّف به لكان مجزيا ، وليس المقام منه لما ذكرنا من وجوب الموافقة القطعيّة.
وأمّا ثانيا : فلأنّ احتمال القطع موجود لو سلّم ولو ترك التسليم ، فحرمة القطع على تقدير شمولها للمقام احتمالها موجود على كلا التقديرين. ولو فرض ضيق الوقت إلّا عن صلاة واحدة فهنا يتخيّر في تطبيق ما يأتي به في الوقت على أحد الفردين ويأتي بالفرد الآخر بعد خروج الوقت قضاء ، (وإن كان التأمّل يقتضي عدم وجوب القضاء ؛ لعدم كونه طرفا للعلم الإجمالي ؛ لأنّ أطرافه الصلاة قصرا أو تماما في الوقت ، ومع الإتيان بأحدهما لا يحرز موضوع القضاء وهو الفوت ، إذ من الممكن أن يكون الواجب هو خصوص ما أتى به.
وكذا لا يتمّ ما ذكره الشيخ قدسسره (١) فيما لو تردّد الجهر في القراءة بين كونه شرطا أو مانعا ، لإمكان قراءتين يجهر بإحداهما ويخفت بالثانية وينوي الجزئيّة بما هو الجزء واقعا.
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٢ : ٤٠٠.