فلا يجري حينئذ الاستصحاب لانقطاعه إمّا بأنّها حائض أو أنّ الحيض فصل بين اليقين السابق والشكّ اللاحق ، فحينئذ تجري أصالة البراءة من التكليف لكون الشكّ شكّا في تكليفها بترك دخول المسجد والصلاة ، بخلاف صورة النذر لوجود الملاك بناء على إمكان التعليق عنده قدسسره فلا ينافيه إلّا أنّها بعد إجراء البراءة فيما لا يمكن فيه إجراء الاستصحاب تقطع بمخالفة بعض الاصول للواقع ، ولا دليل على تقبيحه عقلا.
ومن هنا ذهب قدسسره إلى عدم تنجيز مثل هذا العلم الإجمالي وإجراء الاصول في أطرافه (١) وتبعه على ذلك صاحب الكفاية قدسسره بل إنّه ذهب إلى عدم التنجيز فيما كان عدم التكليف فيه لوجود المانع مع إحراز المقتضي كالمثال النذري بناء على استحالة التعليق فيه فجعل العبرة بفعليّة التكليف لا الملاك (٢).
وخالفهما الميرزا النائيني (٣) بتقريب أنّ العقل بقبح تفويت غرض المولى في ظرفه المتأخّر إذا اطّلع عليه العبد ، فلو اطّلع العبد تفصيلا على أنّ المولى يعطش بعد ساعة ولم يخاطبه بالماء لمانع فترك إحضار الماء أو تفويت الماء الموجود عنده يحقّق مذمّة العقلاء على عمله ، فلو علم إجمالا بغرض للمولى مردّد بين طرفين أحدهما فعلي والآخر بعد اسبوع مثلا ، فالعقل يقبّح للمكلّف تفويت ذلك الغرض ، وحينئذ فليس للمولى أيضا الترخيص في تفويته ، وحينئذ فالاصول تتعارض وتتساقط ويكون العلم الإجمالي منجّزا.
وما ذكره قدسسره قد قوّاه سيّدنا واستاذنا الخوئي ـ دامت إفاداته ـ بتقريب أنّ الترخيص في وطء الحائض مثلا أو في دخولها المسجد فعلا وفيما يأتي من الزمان ترخيص في المعصية فلا يجوز.
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ٢ : ٢٥٠.
(٢) كفاية الاصول : ٤٠٨.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٤٦٨.