ولا يخفى عليك ما فيه ، فإنّ الرواية لا ينكر ظهورها في كون بعض أفراد الجبن خارجا عن محلّ الابتلاء لقوله : «حرم ما في الأرض جميعا».
بقي في المقام أمران :
أحدهما : لو قلنا بعدم تنجيز العلم الإجمالي في الشبهة الغير المحصورة ففي مثل ما إذا كان المعلوم بالإجمال واحدا في ألف مثلا لا إشكال في عدم التنجيز ، لكن لو كان الأطراف مائة في ألف مثلا فهل يكون مثل هذا منجّزا أم لا يختلف الحال في ذلك؟
فإن قلنا : إنّ منشأ عدم التنجيز هو الوهم للتكليف كما قال به الشيخ الأنصاري قدسسره فالاحتمال هنا ليس وهما ، لكون احتمال مصادفته الحرام الواقعي احتمالا معتدّا به عند العقلاء.
وإن قلنا : إنّ المنشأ لعدم التنجيز امتناع المخالفة القطعيّة كما اعتمده الميرزا قدسسره فلا يكون المثال منجّزا ، لأنّ المخالفة القطعيّة إنّما تكون إذا ارتكب تسعمائة وواحدا فعندها تتحقّق المخالفة القطعيّة ، وارتكاب تسعمائة وواحد ممتنع عادة ، فلا يكون مثل هذا العلم الإجمالي منجّزا لامتناع المخالفة القطعيّة.
الثاني : أنّا لو قلنا بعدم تنجيز العلم الإجمالي حيث تكون أطرافه غير محصورة ، فهل يكون العلم كلا علم وترتّب أحكام الشكّ لو كان له حكم ، أم يكون الشكّ كلا شكّ والشبهة كلا شبهة فلا تترتّب حينئذ آثار الشكّ؟ مثلا لو كان المائع المضاف مشتبها بين ألف طرف مثلا فلا ينجّز مثل هذا العلم الإجمالي ، لأنّ أطرافه غير محصورة ، لكن هل يكون هذا العلم كلا علم ويبقى حكم الشكّ لأنّ الشكّ في كون المائع مطلقا أو مضافا كاف في عدم جواز الوضوء به ، أو يكون الشكّ أيضا كلا شكّ فيجوز الوضوء به؟ كلام بين الأعلام.
والّذي ينبغي أن يقال : إنّ مستند عدم تنجيز العلم الإجمالي حيث لا تكون أطرافه منحصرة مختلف.