بكون أحدهما نجسا ، فبعد علمه بالنجاسة هو شاكّ في التكليف ، إذ لا يعلم أنّ النجس هو المضطر إليه فلا تكليف أصلا لارتفاعه بالاضطرار ، أو أنّ النجس هو الطرف الثاني فهو باق ، فالشكّ حينئذ يكون شكّا في التكليف إذ لا يعلم هو كون النجس الفرد الثاني فهو شاكّ في التكليف باجتنابه ، كمن شكّ في صحّة صلاته الفاقدة للسورة ، فإنّ شكّه في صحّتها وفسادها يرجع إلى الشكّ في وجوب السورة وعدمها ، فإذا جرت البراءة من وجوبها لا مجال للاشتغال أو استصحاب التكليف أصلا.
فهو عند اضطراره جرت أصالة الطهارة مثلا أو البراءة ولا معارضة حينئذ لعدم العلم بالنجاسة ، فبعد الاضطرار وحصول العلم الإجمالي يشكّ في توجّه التكليف إليه باجتناب الإناء الغير المضطرّ إليه ، وحينئذ فيجري فيه البراءة أو الحلّية أو الطهارة ، ولا معارضة حينئذ لعدم جريان الأصل في المضطرّ إليه أصلا لكونه حلالا بلا مؤمّن ، وهذا بخلاف مسألة الحدث الّتي نظّر بها في المقام ؛ لأنّ الحدث متيقّن وإنّما الشكّ في خصوصيّته ، فالحدث الكلّي مسلّم فالتكليف متوجّه ، فإذا توضّأ يشكّ في فراغه من التكليف المتيقّن بتعارض الاصول من أوّل أمره بخلاف المقام.
فظهر أنّ الحقّ كما ذهب إليه الشيخ الأنصاري قدسسره (١) وتبعه عليه المتأخّرون (٢) من عدم لزوم الاجتناب لو اضطرّ إلى أحدهما المعيّن قبل العلم الإجمالي بالنجاسة السابقة على اضطراره. ونظيرها في الحكم لو اضطرّ إلى أحد الإناءين بعينه ثمّ وقعت قطرة بول في أحدهما ، بل هذه الصورة خالية أيضا من الإشكال المذكور أيضا.
هذا تمام الكلام في الاضطرار إلى أحدهما المعيّن.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٢٤٥.
(٢) كالنائيني في أجود التقريرات ٣ : ٤٥٦ ، والعراقي في نهاية الأفكار ٣ : ٣٥٠ ، والمحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ٤ : ٢٥٨.