وأمّا إذا شككنا في أنّه هل يعتبر وراء القدرة العقلية شيء أم لا؟ فهل يمكن التمسّك بإطلاق الخطاب أم لا؟ ذهب الشيخ قدسسره إلى التمسّك بإطلاقات خطاب تحريم النجس مثلا لو كان العلم الإجمالي بالنجاسة (١).
وأشكل عليه الآخوند قدسسره بأنّ التمسّك بالإطلاق إنّما هو فرع إمكان الإطلاق والكلام بعد في إمكانه ؛ لأنّه لو كان بعض الأطراف غير مقدور عرفا لا يعقل وجود الإطلاق (٢).
وردّ عليه الميرزا النائيني قدسسره بأنّ التمسّك بالإطلاق في المقام ممكن وبه يحرز الإمكان في مقام الثبوت (٣) وبعبارة اخرى الثبوت غير معلوم الإمكان ولكن بالإثبات يحرز معلوميّة إمكانه ، فإنّ رفع اليد عن الظهور باحتمال اعتبار شيء وراء القدرة العقليّة وهو الخروج عن القدرة العاديّة لا يرتضيه عاقل ، نعم لو احرز أنّه معتبر فلا يمكن حينئذ التمسّك بالإطلاقات ، مثلا آية النبأ ظاهرة في حجّيّة خبر الواحد فلا يرفع اليد عن ظهورها في حجّيّة خبر الواحد ، لاحتمال استحالة جعل الحجّيّة له بمجرّد قول ابن قبة إنّه تحليل للحرام وتحريم للحلال.
وبالجملة ، فقد استقرّ بناء العقلاء على الأخذ بظهور كلام المولى ما لم يثبت استحالته ، مثلا إذا قال المولى : «أكرم العلماء» ونحتمل أن يكون في إكرام الفسّاق من العلماء قبحا يوجب استحالة أمر المولى بإكرامهم ، فلا يسعنا ترك إكرام الفسّاق منهم بمجرّد هذا الاحتمال بل يتمسّك بإطلاق إكرام جميع العلماء قطعا.
وكذا الكلام لو اشترطنا عدم الخروج عن محلّ الابتلاء ولكن تردّد مورد بين كون تمام أطرافه داخلة أم لا من جهة الشبهة ، كما لو علمنا بأنّ الطرف لو كان في بلد
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٢٣٨.
(٢) كفاية الاصول : ٤١٠.
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٤٣٥ ـ ٤٣٦.