وأمّا إذا لم تكونا مسبوقتين بكونهما ملكا للغير بأن كانتا من المباحات الأصليّة فحاز هو إحداهما وحاز الآخر الثانية فغصبها الأوّل منه ثمّ اشتبها في الخارج وأثمرت إحداهما ففي مثل هذه الثمرة لو تصرّف بها لا ريب في عدم ضمانها قطعا ؛ لأنّ الضمان موضوعه التصرّف في ملك الغير ولم يحرز التصرّف في ملك الغير بتصرّفه بالنماء ولم يحرز كون يده على النماء يدا عدوانيّة ، والحكم بالضمان يدور مدار موضوعه فإذا لم يحرز موضوعه تجري فيه البراءة.
وأمّا جواز التصرّف فيها وعدمه فمبنيّ على النزاع المعروف في أنّ الأصل في الأموال الحلّ أو الحرمة ، فإن قلنا بأنّ الأصل فيها الحرمة استنادا إلى قوله : «لا يحلّ مال إلّا من حيث أحلّه الله» (١) كما ذهب إليه الشيخ الأنصاري قدسسره (٢) فبالنسبة إلى النماء لم يعلم أنّه أحلّه الله أم لا فيحرم تناوله ، وإن قلنا بأنّ الأصل الحلّ وإنّ قوله : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام» (٣) وحديث الرفع من أسباب الحلّ فيجوز التصرّف في النماء حينئذ ؛ لأنّه غير معلوم الحرمة ، فتأمّل.
إذا عرفت ذلك فيقع الكلام في ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة ، فقد تكون الملاقاة والعلم بها قبل حصول العلم الإجمالي بالنجاسة ، وقد تكونان بعد تنجّز العلم الإجمالي ، وقد تكون الملاقاة قبل العلم الإجمالي إلّا أنّ العلم بها يكون بعد العلم الإجمالي.
وبالجملة ، فالكلام بالنسبة إلى الملاقي لبعض الأطراف بعد التنجّز وحكم الشارع بوجوب اجتناب الطرف الملاقي ، ولا يخفى أنّ محلّ الكلام أنّه إذا كان الملاقي ملاقيا لأحد الأطراف ولم يكن ثمّة ملاقي آخر للطرف الثاني ؛ لأنّه به يحصل علم إجمالي آخر بين الملاقيين ، فقد يقال بوجوب اجتناب الملاقي لبعض الأطراف بأحد وجهين :
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٣٧٥ ، الباب ٣ من أبواب الأنفال ، الحديث ٢.
(٢) انظر فرائد الاصول ٢ : ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٣) انظر البحار ٢ : ٢٧٣ ، والوسائل ١٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.