فالمقام من هذا القبيل ؛ لأنّ المصلحة ليس ترتّبها على الصلاة ترتّب المعلول على علّته التامّة لاحتياج تحقّق المعراجيّة إلى الملائكة العمّالة فهو نظير ترتّب الثمر على الزرع ، وفي مثله لا مجال للأمر بتحصيل الثمر لعدم القدرة عليه ؛ ولذا لم يأمر بتحصيل المصلحة وإنّما أمر بتحصيل أسبابها فلا أمر بالمصلحة في المقام.
ولا يخفى عليك ما في كلامه قدسسره فإنّ تقسيم الغرض إلى ما يترتّب ترتّب المعلول على علّته التامّة ، تارة والناقصة اخرى ، إن أراد به الغرض الأقصى فليس المكلّف مكلّفا به أصلا حيث لا يكون ترتّبه حتميّا لانفكاكه عن الفعل الّذي قد أمر به المكلّف ، وإن أراد به الغرض الإعدادي فهو دائما مترتّب ترتّب المعلول على علّته التامّة فحيث يشكّ في تحقّقه مع التكليف به قطعا يجب الإتيان بالأكثر ولا يكون الإتيان بالأقلّ محصلا.
فالتحقيق في الجواب : أنّ الغرض لا يزيد على أصل الأمر فكما أنّ الأمر حيث يشكّ به ينفى بقاعدة قبح العقاب بلا بيان كذلك الغرض أيضا ، فإنّ الغرض الإعدادي يدور مدار المأمور به فإذا كان المأمور به واصلا بمقدار خارجي وهو الأقلّ دون الأكثر فالغرض الإعدادي الّذي كلّف به الإنسان قطعيّا حاصل أيضا بالإتيان بالأقلّ.
توضيح الجواب : أنّ الأمر إن تعلّق بالغرض فلا بدّ من جريان الاشتغال في الجزء المشكوك ، وإن تعلّق بالعمل المسبّب له وكان الأمر به أمرا بالغرض عرفا كضرب العنق في القتل فلا بدّ من الاشتغال أيضا ، وإن لم يكن كذلك بأن أمر بالعمل وليس أمرا به عرفا فإن أوجب الاحتياط في الجزء المشكوك فهو ، وإلّا فحينئذ نعلم أنّ الغرض الإعدادي مترتّب على الأقلّ وأنّ الغرض لو كان مترتّبا على الأكثر فهو لا يريده وإلّا لأوجب الاحتياط مع أنّ نفي تبعيّة الأحكام للمصالح في المتعلّقات غير بعيد ، كما سيأتي بيانه في محلّه إن شاء الله تعالى.