وأمّا الكلام في الجهة الثانية : فنقول : إنّ تحقّق مفهوم الزيادة بالنسبة إلى المركّبات الخارجيّة واضح جدّا وغير محتاج إلى قصد أصلا ، مثلا المعجون الفلاني المركّب من الزيت والسكر إذا اضيف إليه شيء آخر كاللبن مثلا يكون زيادة فيه وإن لم تكن إضافة اللبن إليه بقصد الجزئيّة أصلا ، وأمّا الامور الاعتباريّة فلا يتحقّق الزيادة فيها أصلا إلّا بالقصد أي بقصد جزئيّتها ، وحينئذ فالصلاة وأشباهها من الامور الاعتباريّة لا تتحقّق الزيادة فيها إذا لم يكن إتيان الشيء فيها بعنوان الجزئيّة وبقصد كونه جزءا.
نعم ، نقول بأنّ صورة السجود فيه زيادة وإن لم يكن مقصودا ، للدليل الدالّ على ذلك ، وهو ما ورد من المنع عن قراءة العزائم في الصلاة معلّلا بقوله : «فإنّ السجود زيادة في المكتوبة» (١) مع كون السجود ليس بقصد الجزئيّة ، والحق به الركوع لعدم الفرق بينهما أو للأولويّة القطعيّة ، أمّا غيرهما فالزيادة لا تتقوّم بغير القصد ، نعم في السجود دلّ الدليل على أنّ الصورة أيضا زيادة.
ومن هنا ظهر أنّ قراءة العزائم في الصلاة ممنوعة ولو كان في التشهّد بموجب تعليل الرواية وليس المنع عنه عن خصوص قراءتها بدلا عن السورة بعد الحمد.
ومنه ظهر أيضا عدم جواز إدخال صلاة في ضمن صلاة لو تضيّق وقت إحداهما ؛ لأنّ الصلاة الداخلة فيها صورة سجود وإن لم يتوقّف المنع على ذلك ، لوجود دليل آخر يقضي بالمنع وهو ما دلّ على أنّ السلام يفصل ما قبله عمّا بعده وأنّه هو المحلّل ، فلا تكون الأجزاء السابقة قابلة لضمّ الباقي إليها ، فافهم.
هذا تمام الكلام في الجهة الثانية.
وأمّا الكلام في أصل المسألة وهي أنّ الزيادة مبطلة أم لا ، فقد ذكرنا أنّ الكلام يقع فيها في مقامين :
أحدهما : ما تقتضيه القواعد الأوّليّة.
الثاني : ما تقتضيه الأدلّة الخاصّة.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٧٧٩ ، الباب ٤٠ من أبواب الصلاة ، الحديث الأوّل.