بعد دخول الوقت فيستصحب الوجوب حينئذ لغرض فعليّة الوجوب بالنسبة إليه (١) وقد وافق الشيخ الأنصاري (٢) في ذلك وتابعة.
ولكنّه ـ يعني الميرزا النائيني ـ في باب الاستصحاب (٣) لم يفرّق بين الصورتين في جريان الاستصحاب الكلّي ، بدعوى أنّ استصحاب الحكم الكلّي غير محتاج إلى فعليّة محقّقة ، بل يكفي فرض الفعليّة كما في فتوى المجتهد بطهارة الماء المسبوق بالكرّيّة إذا لاقاه النجس ، فإنّه لا يحتاج إلى وجود ماء كان مسبوقا بالكرّيّة ولاقته النجاسة في زمن الشكّ ، وكذا حكم المجتهد بحرمة وطء الحائض بعد طهرها من الحيض إن لم تغتسل إنّما هو بالاستصحاب ، مع عدم الاحتياج إلى فعليّة ذلك الحكم بفرض حائض حينئذ قد طهرت من الدم ولم تغتسل بعد ، فكذا مقامنا.
والتحقيق أنّ جريان الاستصحاب في الأحكام يتصوّر على ثلاثة أنحاء :
الأوّل : أن يجري الاستصحاب في الحكم الكلّي من جهة احتمال النسخ ، وهذا لا يحتاج إلّا إلى ثبوت الملازمة بين طرفي القضيّة الحقيقيّة وإن لم يتحقّق طرفاها ؛ لأنّ المدار في الصدق فيها هو ذلك فقوله : الخمر نجس ، مثلا معناه كلّما وجد الخمر فهو محكوم بالنجاسة ، فالاستصحاب لنجاسة الخمر إنّما هو من جهة احتمال طرو النسخ ، وهذا الاستصحاب من الاستصحابات المتّفق عليها بين الاصوليّين والأخباريّين كما زعمه المحدّث الاسترآبادي (٤).
الثاني : الاستصحاب للحكم الكلّي أيضا لكنّه من جهة سعة الموضوع وضيقه ، مثلا الماء المتغيّر إذا زال تغيّره من قبل نفسه فهل يحكم بنجاسته بمقتضى
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٣ : ٥٣٥.
(٢) انظر الفرائد ٢ : ٣٧٨ ـ ٣٩٤.
(٣) انظر أجود التقريرات ٤ : ٨٨ ـ ٨٩.
(٤) انظر الفوائد المدنيّة : ١٤٣.