الاستصحاب أم لا؟ فإنّ الشكّ من جهة أنّا لا نعلم أنّ موضوع حكم الشارع بالنجاسة طارئ على التغيّر حدوثا وبقاء أم حدوثا فقط ، وهذا الاستصحاب أيضا لا يتوقّف على تحقّق موضوع له خارجا ، بل يكفي الموضوع التقديري ، وأغلب الاستصحابات في الأحكام الكلّية من هذا القبيل.
الثالث : الاستصحاب الشخصي ، وهو استصحاب الإنسان حكم نفسه من جهة الشكّ في تغيّر حكمه من الامور الخارجيّة ، كاستصحاب المتطهّر بقاء طهارته للشكّ في أنّه أحدث أم لا ، وشكّ الإنسان في طهارة يده من جهة أنّها أصابها بول أم لا ، وهذا الاستصحاب بعد أن يحكم المجتهد بأنّ المتيقّن إذا شكّ يستصحب لا يحتاج المقلّد في جريان الاستصحاب إلّا إلى فعليّة الحكم عنده وإن لم يكن فعليّا عند المجتهد.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المقام حيث يكون المكلّف من أوّل الوقت متعذّرا عليه ذلك الجزء فجريان الاستصحاب في الأجزاء الباقية ليس من القسم الأوّل ولا من القسم الثاني ولا من القسم الثالث فلا يجري.
بيان ذلك أنّ المقام ليس من المقام الأوّل ؛ لأنّ الشكّ ليس شكّا في النسخ بل إنّ قوله عليهالسلام : «إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة» (١) ، ليس منسوخا قطعا حتّى يجري فيه أصالة عدم النسخ واستصحابه. وكذا ليس من المقام الثالث قطعا ؛ لأنّ الشكّ ليس من جهة عروض الامور الخارجيّة فإن كان فهو من القسم الثاني.
والتحقيق أنّه ليس منه أيضا ؛ لأنّ تكليف المكلّف لم يعلم شموله لهذا المكلّف العاجز إتيان الواجب بجميع أجزائه ، فلعلّه غير شامل له من أوّل الأمر فليس التكليف حينئذ متيقّنا حتّى يستصحب. وبعبارة اخرى هو محتاج إلى فرض المجتهد
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٨٣ ، الباب ١٤ من أبواب الجنابة ، الحديث ٢ ، وفيه : إذا دخل الوقت وجب الطهور.