ولكن هذا إرشادي ، وإمّا أن يكون التكليف بها مولويّا لو اريد بها أنّ الكلّ لا يسقط إذا تعذّر بعض أجزائه ، وإرادة الجامع بين الكلّي ذي الأفراد والكلّ ذي الأجزاء مستحيل ، لعدم الجامع بين المولويّة والإرشاديّة ، إلّا أنّ هذا الاحتمال ـ أي احتمال كون «لا يسقط» إنشاء بأن تكون «لا» ناهية ـ احتمال ساقط ؛ لأنّ السقوط ليس من أفعال المكلّفين حتّى ينهى عنه أو يؤمر به فلا بدّ أن يكون «لا يسقط» نفيا وإخبارا. وحينئذ فإشكال المولويّة والإرشاديّة لا وقع له حينئذ.
وإنّما الإشكال لو اريد بها الإخبار أيضا حيث إنّ الإخبار بعدم سقوط الميسور يكون إخبارا عن عدم سقوط حكمه بماله من الحكم الوجوبي والاستحبابي أو يراد عدم سقوطه بنفسه بلا عناية ، فإنّ الواجب له نوع تعلّق بذمّة المكلّف ، وكذا المستحبّ فيكون كالدين فيقال : إنّه لا يسقط بالمعسور كما لا يسقط وجوب أداء الدين مع القدرة على أداء بعضه ومطالبة الدائن إلّا أنّ السقوط محتاج إلى ثبوت فما لم يكن ثمّة ثبوت لا يصدق السقوط.
وحينئذ فإنّ إرادة الكلّي ذي الأفراد منه واضحة ؛ لأنّ الكلّي إذا امر به بنحو الاستغراق فيكون كلّ فرد منه مأمورا به بأمر مستقلّ فلا يكون تعذّر بعض الأفراد موجبا لسقوط أمر بعض الأفراد الأخر فيكون إخبارا عن بقائه ، إلّا أنّ إرادة الكلّ ذي الأجزاء غير واضحة حينئذ ؛ لأنّ البعض الميسور من الأجزاء لم يكن وجوبه ثابتا حتّى يقال : لا يسقط ، لأنّ السقوط فرع الثبوت. نعم ، كان واجبا بوجوب ضمني والوجوب الضمني كان في ضمن الكلّ وقد ارتفع الكلّ قطعا فارتفع ما بضمنه فأيّ وجوب كان ثابتا حتّى لا يسقط بالمعسور؟
وبالجملة ، لا يظهر من هذه الرواية بقاء وجوب المركّب إذا تعذّر بعض أجزائه فنبقى على مقتضى القاعدة وهي البراءة إلّا في مورد يكون التعذّر بعد دخول الوقت لجزء لا يخلّ بالتسمية العرفيّة إذا جرى الاستصحاب في المقام وأشباهه من الأحكام الكلّية. هذا ما قرّره الاستاذ في مجلس درسه.