ليس بأقلّ من استعمالها في الكلّ ، بل ربّما يدّعى كثرة الاشتهار بهذه الرواية في الامور اللازمة الّتي هي ذوات أفراد لا أجزاء. ويؤيّد استعمالها في الواجب ذي الأفراد أنّه لو بقي من أفراده فرد واحد مقدور يجب الإتيان به بموجب أمره المتعلّق به ، ولو اريد ذي الأجزاء لوجب الإتيان بجزء إن كان مقدورا وتعذّر تسعة عشر جزءا من أجزائه ، وهو بعيد ولا يلتزم به أحد ، فافهم فتأمّل (*).
ونظيره يأتي في الرواية السابقة مع التنزّل وتسليم كون «من» للتبعيض بحسب الأجزاء لا الأفراد كما هو موردها.
الرواية الثالثة : قوله : «الميسور لا يسقط بالمعسور» (١). فإنّها دالّة على أنّ المركّب إذا تعذّر بعض أجزائه لا يسقط البعض الآخر. والكلام فيها سندا هو الكلام في سابقتها راويا وكتابا وإرسالا ومرويّا عنه فلا نعيده.
وأمّا دلالة فقد أشكل الآخوند قدسسره بأنّ الميسور شامل للواجب والمستحبّ ، وحينئذ ف «لا يسقط» لا تدلّ على الوجوب.
والجواب هو ما ذكرناه من أنّ الوجوب ليس من المنشآت القوليّة وإنّما هو عنوان انتزاعي من الأمر بالشيء إذا لم يرد فيه ترخيص ، أو يقال بأنّه إذا ثبتت محبوبيّة الإتيان بالباقي ثبت وجوبه لعدم القول بالفصل أو الاستحباب.
ولا يخفى أنّها إمّا أن يكون المراد ب «لا يسقط» الإنشاء أو يراد بها الإخبار.
فإذا اريد بها الإنشاء فإمّا أن تكون إرشاديّا إذا اريد بها أنّ الكلّي إذا تعذّر بعض أفراده لا يسقط الأمر المتعلّق ببعض أفراده الآخر لعدم تعلّق أمره بأمره
__________________
(*) وجه التأمّل أنّ هذا الإشكال مبنيّ على صحّة الإشكال السابق المانع عن إرادة الجامع إذ لو أمكن إرادة الجامع من «ما» يمكن أن يقال بأنّ ذا الأجزاء الّتي تعذّر معظمها قد خرج عن وجوب الإتيان به بالدليل وبقي الباقي. فافهم. (من إضافات الدورة الثانية).
(١) غوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ، الحديث ٢٠٥ (مع اختلاف يسير).