ويمكن أن يقال ـ حتّى على مذهبه قدسسره من أنّ الوجوب ينشأ بالصيغة ـ إنّ «ما» إذا أخذت على إطلاقها من الوجوب والاستحباب فيثبت استحباب الإتيان بالممكن من أجزاء الواجب فإذا ثبتت المحبوبيّة ثبت الوجوب لعدم القول باستحباب الإتيان بما هو مقدور ، فإذا ثبتت المحبوبيّة ثبت الوجوب.
وبالجملة ، فما ذكره الآخوند قدسسره غير قادح في الاستدلال بها ، نعم الإشكال في أنّ كلمة «ما» الموصولة المبهمة هل اريد منها الواجب ذي الأجزاء أو الواجب ذي الأفراد أو الجامع بينهما؟ لا يمكن إرادة الجامع ؛ لأنّ «لا يترك» الّذي هو الحكم في هذه الرواية إن اريد ب «ما» الواجب ذي الأفراد يكون حكم لا يترك إرشاديّا ؛ لأنّ الوجوب الّذي كان ثابتا على الواجب بنحو الاستغراق يكون أحكاما متعدّدة بحسب الأفراد فيكون لكلّ فرد حكم منها. فقوله «لا يترك» إرشاد إلى حكم العقل بوجوب إطاعة حكم الفرد الممكن الّذي لم يذهب حكمه بتعذّر الفرد الآخر ؛ لأنّ تعذّره رفع حكمه لا حكم صاحبه الّذي هو الفرد الآخر. وإن اريد من الواجب ذي الأجزاء يكون «لا يترك» حكما مولويّا جديدا ؛ لأنّ حكمه السابق قد ارتفع بتعذّر الجزء منه فالوجوب المستوعب لجميع الأجزاء قد ارتفع قطعا فيكون قوله : «لا يترك» حكما جديدا بوجوب بقيّة الأجزاء.
ولا يمكن في «لا يترك» أن يجمع فيها بين الوجوب المولوي والإرشادي ، وظهور الأمر في المولويّة إنّما هو من جهة أنّ الظاهر من المولى أنّ أمره إذا خولف يستحقّ مخالفة العقاب ، وهذا حيث يعلم متعلّق أمره ، أمّا إذا دار بين كون متعلّقه الشيء الفلاني فيكون مولويّا أو الشيء الفلاني فيكون إرشاديّا فليس ظهوره معيّنا لمتعلّقه حتّى يحرز الوجوب المولوي. نعم لو كان ظهوره في المولويّة ظهورا وضعيّا ربّما يتوجّه كلامكم ، فالجامع لا يمكن أن يراد قطعا.
نعم ، يبقى الترديد بين كون الواجب ذا أفراد ليكون الوجوب إرشاديّا أو ذا أجزاء ليكون مولويّا فنقول : إنّها لا ظهور لها في أحدهما ؛ لأنّ استعمالها في الكلّي