ولا نلتزم بالعقاب في المقام ولما ذا نلتزم بالعقاب والإمام عليهالسلام يقول : «قد تمّت صلاته» (١) فهل نقص منها شيء حتّى نلتزم بالعقاب لذلك الفائت؟
وبالجملة ، فالتزامهم بالعقاب مع التزامهم بصحّة الصلاة هو الّذي ألجأهم إلى الحيرة في الجمع بين هذين الأمرين ، لكنّ الالتزام بالعقاب لا وجه له ، مع فرض أنّ صلاته صحيحة تامّة ولا ملزم له أيضا فنحن لا نرى وجها للالتزام به.
ودعوى الإجماع على استحقاق العقاب عهدتها على مدّعيها ، فإنّ جميع الفقهاء إنّما تعرّضوا لصحّة الصلاة حينئذ ولم يتعرّضوا للعقاب وإنّما ذكره بعض من تأخّر ، مع أنّ قيام الإجماع لا يثبت استحقاق العقاب فإنّ المسألة ليست فرعا من الفروع الفقهيّة حتّى يثبتها الإجماع ، فافهم.
وإمّا أن يقال فيه بوجوب الإعادة بمعنى أنّه يقال فيمن اعتقد وجوب الإخفات في صلاة الغداة مثلا ثمّ جهر فيها غفلة إنّه يعيد ثانيا بعد علمه بوجوب الجهر جهرا ، فإن قلنا بذلك فلا محيص عن الالتزام بأنّ حكمه الواقعي حال الجهل هو الإخفات؟ وحينئذ فعدم العقاب أوضح ؛ لأنّ من أتى بتكليفه الإلهي الواقعي لما ذا يعاقب؟ خصوصا بعد حكم الإمام عليهالسلام بأنّه قد تمّت صلاته ولا شيء عليه ، فافهم.
(نعم ، في خصوص مسألة القصر والإتمام يمكن أن يقال إنّ تكليفه الواقعي هو القصر وعدم إجزاء المتمّ عامدا عالما إنّما هو لكونه قد زاد في فرض الله ، وحينئذ فالجاهل تكون صلاته صحيحة من جهة الدليل المخصص لحديث : من زاد في صلاته فليستقبل الصلاة ، والإثم إنّما هو من جهة التشريع في نسبة الزيادة إلى الله تعالى) (٢).
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٧٦٦ ، الباب ٢٦ من أبواب القراءة ، الحديث الأوّل.
(٢) ما بين القوسين من إضافات الدورة الثانية.