ولا يخفى عليك ما في هذه الردود :
أمّا الأوّل : فلأنّ الخطاب الترتّبي ليس منحصرا بلسان «أيّها العاصي» حتّى يلزم ما ذكره بل يمكن أن يكون بلسان «أيّها التارك ولو في بعض الوقت» وذكر العصيان في باب الترتّب إنّما هو من باب المثال وبهذا اندفع الإيرادان الأوّلان.
وأمّا الثالث وهو دعوى أن لا دليل عليه : فالدليل دالّ عليه وهو الصحيحة المذكورة ، فإنّها دلّت على صحّة الصلاة والكلام في الوجه لا في أصل الصحّة والترتّب صرف إمكانه يكفي في المقام.
فتلخّص أنّ الترتّب لو لا ما ذكرنا من أنّه خلاف ظواهر الأدلّة ، فإنّ الأدلّة صريحة في أنّ الواجب على الإنسان خمس فرائض وإذا التزم بالترتّب يكون الواجب ستّة في صورة الجهل بالقصر أو بالجهر أو الإخفات وخلاف الإجماع أيضا لاستلزامه عقابين لو تركهما معا ، فالوجه في ردّ الترتّب هو هذه الامور لا ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره.
وقد تبيّن ممّا ذكرنا أنّ كلا هذين التوجيهين غير مفيد ، فالتحقيق أن يقال : إنّ هذا الجاهل بوجوب القصر أو الجهر أو الإخفات لو أتى بما هو واجب عليه واقعا اشتباها ـ مثلا إذا كان جاهلا بوجوب القصر ولكنّه اشتباها صلّى قصرا وسلّم على الركعتين ، ثمّ التفت أنّه سلّم على الركعتين ، ثمّ علم بوجوب القصر عليه في هذا الحال ـ فإمّا أن يقال بوجوب الإعادة عليه ، وهو بعيد غايته ؛ لأنّه قد أتى بما هو مكلّف به واقعا جامعا لجميع الأجزاء والشرائط.
وإمّا أن لا يقال فيه بوجوب الإعادة ، فعلى الثاني فهذا إذا ضمّ إلى الصحيحة الدالّة على صحّة صلاة الجاهل لو خالف الواقع وأنّه تمّت صلاته يستفاد الوجوب التخييري في هذا الحال ـ أي حال الجهل ـ سواء أتى بالجهر أو الإخفات ،