وبهذا بعينه يردّ الوجه الثاني : الّذي ذكره كاشف الغطاء قدسسره (١) من الالتزام بالترتّب ، فإنّ لازمه تعدّد الواجب على هذا الجاهل بخصوصه دون العالم ، ويكون من قبيل تعدّد المطلوب وإنّ في كلّي الصلاة الجامع بين القصر والإتمام مصلحة ، وفي خصوص كيفيّة القصر أيضا مصلحة اخرى فحيث تفوت الثانية لا تفوت الاولى ، وهم لا يلتزمون به فإنّ المصلحتين إن كانتا ارتباطيّتين فلا تحصل بالإتمام إحداهما أصلا ، وإن لم يكونا ارتباطيّتين فهو الواجب في الواجب ، ولا يلتزمون به وبلوازمه ، مع مخالفته لظواهر الأدلّة وللإجماع بحسب الظاهر.
وقد ذكر الميرزا النائيني قدسسره على الترتّب في خصوص المقام إيرادات ثلاثة :
الأوّل : أنّه غير معقول ؛ لأنّ الخطاب حينئذ يكون بلسان «أيّها العاصي جهلا لوجوب الجهر أو الإخفات أو القصر» وهو مع توجّهه ووصوله إليه يخرج عن كونه جاهلا بالحكم ، ومع عدم الوصول لا يفيده. وبالجملة ، فالخطاب بالإتمام في المقام موقوف على توجيه الخطاب ب «أيّها العاصي جهلا» وهو مع وصوله يخرج عن كونه جاهلا بوجوب القصر فلا يجوز له الإتمام.
الثاني : أنّ العصيان لا يتحقّق إلّا بترك الصلاة القصريّة في مجموع الوقت والمدّعى صحّتها ولو اطّلع في الأثناء ، فيختصّ التوجيه بخصوص من صلّى في آخر الوقت والدعوى أعمّ.
الثالث : أنّ الترتّب في المقام لا دليل عليه وإن كان ممكنا ، وإنّما التزمنا به في مقام التزاحم من جهة وجود الإطلاقين لكلا الخطابين من : صلّ وأزل ، وفي المقام الصحيحة (٢) إنّما دلّت على صحّة الصلاة ولم تدلّ على كون الصحّة من جهة الترتّب (٣).
__________________
(١) كشف الغطاء ١ : ١٧١ (البحث الثاني عشر).
(٢) انظر الوسائل ٤ : ٧٦٦ ، الباب ٢٦ من أبواب القراءة ، الحديث ١ و ٢ ، و ٥ : ٥٣١ ، الباب ١٧ من أبواب صلاة المسافر ، الحديث ٤.
(٣) انظر أجود التقريرات ٣ : ٥٧٢ ـ ٥٧٣.