وجوب إعادتها إلّا أنّ الإجماع قائم على أنّ المقلّد تقليدا صحيحا لا يعيد ما فعله بفتوى المقلّد السابق وإن كان باطلا بفتوى المقلّد الحالي.
ثمّ إنّه ظهر ممّا ذكرنا أنّ تارك الفحص والتعلّم إذا عمل فلا بدّ من مطابقة عمله للواقع المكتشف بفتوى المجتهد الحالي إلّا أنّه خرج من هذه الكلّية موردان : الجهر في موضع الإخفات وبالعكس ، والإتمام في مورد القصر ، وخروجهما من هذه الكلّية ومعذوريّة الجاهل المقصّر فيها مسلّمة إلّا أنّ الكلام في وجه ذلك ، حيث إنّ الصحّة وعدم العقاب متلازمان كما أنّ الفساد واستحقاق العقاب أيضا متلازمان ، فكيف يلتزم بصحّة الجهر في موضع الإخفات وعكسه ، وبصحّة الإتمام في موضع القصر حيث يصدر جهلا بالحكم وإن كان تقصيرا ، ويلتزمون أيضا باستحقاق العقاب ، فإنّ الصحّة معناه عدم العقاب والعقاب معناه عدم الصحّة؟ وقد اجيب عن ذلك بوجهين :
أحدهما : ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١) وملخّصه أنّه يمكن أن يكون في صلاة القصر للمسافر مصلحة ملزمة فمن جهتها يأمر المولى بها ، وتكون أيضا في الصلاة التماميّة للمسافر مصلحة ملزمة دون تلك المصلحة الأوّليّة حال الجهل بالحكم ووجوب القصر ، ويكون بين هاتين المصلحتين تضادّ بحيث مع استيفاء كلّ منهما يستحيل استيفاء الثانية ، وحينئذ فيكون هذا المكلّف بسبب تفويته التعلّم ترك المصلحة الاولى الملزمة فيستحقّ عليها عقابا وتكون صلاته صحيحة من ناحية ما فيها من المصلحة الملزمة.
ولا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره ـ مع بعد فرض تضادّ المصلحتين ، فإنّ التضادّ ممكن في الأفعال أمّا في ملاكات الأحكام فهو بعيد ـ مستلزم لوجوب واجبين على الجاهل بالحكم بحيث لو فرض أنّه لم يصلّ لاستحقّ عقابين لتفويته لكلا المصلحتين ، وهو مع أنّه خلاف ظواهر الأدلّة وخلاف الإجماع على الظاهر لا يلتزم هو قدسسره به.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٢٨.