وحيث إنّ طريق الواقع بالنسبة إلى هذا المكلّف منحصر بفتوى المقلّد الفعلي فيعود النزاع إلى أنّه يعتبر مطابقة عمله لفتوى من يجب عليه تقليده الآن ، أو لفتوى من كان يجب عليه تقليده حين العمل ، أو لهما معا ، ولكلّ وجه.
والظاهر أنّ تارك الفحص والتعلّم لفتوى من يجب عليه تقليده إذا عمل بلا فحص ، فإمّا أن يكون رأي مقلّده حين عمله وجوب السورة مثلا وقد تركها ذلك الجاهل المقصّر بعدم السؤال ، ولكن مقلّده الآن لا يرى وجوب السورة فهو يعاقب على ترك السورة في محلّه ، ولكنّه لا يجب عليه الإعادة إن كان في وقتها ولا القضاء إن كان في خارجه ؛ لأنّه إذا سئل مقلّده الحالي عن صلاته السابقة يفتي بصحّتها فلا يوجب عليه الإعادة ولا القضاء؟
ولو فرض الأمر بالعكس بأن كان رأي مجتهده السابق عدم وجوب السورة ورأي الحالي وجوبها فصلّى حين كان مقلّدا للسابق بلا فحص عن رأيه ولكن ترك السورة في صلاته ، فمقتضى القاعدة وجوب الإعادة لو مات ذلك المجتهد السابق وقلّد مجتهدا آخر والوقت باق فضلا عن القضاء ؛ لأنّه بحسب نظر هذا المجتهد لم يسقط أمره بالصلاة بل هو بعد باق ، فلو كان في الوقت فعليه الإعادة ولو كان في خارجه فقد فاتته الصلاة الواجبة فعليه القضاء. (وحديث «لا تعاد» وإن قلنا بشموله للجاهل إلّا أنّه مختصّ بخصوص القاصر لا المقصّر ، والإجماع على عدم إعادة الأعمال المطابقة لفتوى من يجب تقليده على تقدير تسليمه فيما إذا استند عمله إلى الفتوى ، وأمّا فيما إذا طابق اتّفاقا فلا إجماع قطعا) (١).
وهذا بالنسبة إلى غير العبادات أيضا جار ، بل مقتضى القاعدة أنّه لو عمل بتقليد واطّلاع على رأي المقلّد بفتاوى ذلك المقلّد ثمّ مات ذلك المقلّد ، وقلّد شخصا آخر يرى بطلان بعض أعماله السابقة الصحيحة في رأي المقلّد السابق
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.