القرحة وفي بعضها أنّه يتيمّم وكلاهما مطلقان ، وحينئذ فمن الممكن أن يقال : إنّ هذا الواجد جعله الله في حكم الفاقد وقد حكم بجواز التيمّم للواجد إذا أوى إلى فراشه للنوم ولصلاة الجنازة (١) وإن فرض السؤال خاصّا في بعضها إلّا أنّ العبرة بإطلاق الجواب ، هذا وجه التفصيل بين موارد الحرج وموارد الضرر. ولكنّا حيث بنينا على عدم حرمة الإضرار بالنفس فلا يفرق بين الوضوء الضرري والحرجي.
وحينئذ فيكون الكلام في أنّ حديث نفي الضرر وحديث نفي الحرج مثلا هل يرفعان الإلزام أو يرفعان أصل التشريع؟ فهل هما حكمان إرفاقيان يرفعان الإلزام فقط أو يرفعان أصل تشريع الحكم؟ وحيث بنينا على أنّهما يرفعان أصل التشريع بنحو الحكومة وعدم الجعل للضرري والحرجي فمقتضاهما ارتفاع تشريع ذلك العمل الضرري أو الحرجي فيكون ذلك العمل بلا دليل دالّ على تشريعه ، فيكون الإتيان به عبادة حراما فتكون باطلة سواء كانت تلك العبادة ضرريّة أو حرجيّة.
والتحقيق أنّهما إنّما يرفعان تشريع الحكم الإلزامي فمثل الصلاة والصوم يرتفع تشريعهما وجعلهما حيث يكونان ضرريّين أو حرجيّين ، وأمّا مثل الغسل والوضوء اللذين لهما أمر استحبابي نفسي إجماعا في الأوّل وتحقيقا في الثاني فحديث : لا ضرر ولا حرج ، لا يرفع المستحبّات النفسيّة ؛ لأنّهما حديثان إرفاقيّان ولا إرفاق في رفع الاستحباب لعدم الكلفة بوضعه حتّى يكون رفعه إرفاقا ، فلو أتى بالوضوء الضرري أو الحرجي لاستحبابه النفسي أو لغاية مستحبّة فلا مانع من صحّتهما بحسب الظاهر ، وحينئذ فيصحّ إتيان الصلاة الواجبة بهما لتحقّق الطهارة الّتي هي شرطها ، فافهم.
__________________
(١) انظر الوسائل ٢ : ٨٠٠ ، الباب ٢٢ من أبواب صلاة الجنازة ، الحديث ٢ ، و ١ : ٢٦٥ ، الباب ٩ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.