فيحكم بالصحّة؟ كما يظهر من العروة (١) وبعض تعليقاتها بل لعلّه المشهور ، ووجهه أنّ الإضرار بالنفس حرام عندهم فيكون الوضوء مبغوضا ، ولا يمكن أن يتقرب بالمبغوض لعدم قابليته (ولعدم إمكان التقرّب وإن بنينا على أنّ حرمة العمل التوليدي لا تسري إلى حرمة سببه إذا كان مغايرا له في الوجود بالنظر العرفي ؛ وذلك لأنّ السبب والمسبّب لا يمكن أن يكون أحدهما حراما والآخر مباحا محكوما بالإباحة للتزاحم بينهما ، إذ الفرض وصولهما بمعنى وصول حكم كلّ من السبب وهو الوضوء والمسبّب وهو الإضرار ، فيستحيل إباحة الأوّل وحرمة الثاني) (٢) إلّا أنّ إلقاء النفس في الحرج ليس حراما فيكون العمل صحيحا.
وأشكل الميرزا النائيني رحمهالله عليهم بأنّ التفصيل في الآية وهي قوله : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا)(٣) قاطع للشركة. وبناء على صحة الوضوء الحرجي يكون مخيّرا بين الوضوء والتيمّم وهو يقتضي كونه واجدا فاقدا وحينئذ يكون إلغاء للتفصيل (٤).
ويمكن أن يقال : إنّ الآية ظاهرة في التفصيل الإلزامي دون الترخيص الذي هو محل الكلام وتقول : الواجد للماء يتوضّأ والفاقد يتيمّم وليست بصدد حصر من يتوضّأ ويتيمّم ، وبمقتضى الآية يجب الوضوء الحرجي لكونه واجدا للماء وليس له مانع عن استعماله لا عقلا ولا شرعا إلّا أنّ بمقتضى حديث نفي الحرج تستفاد الرخصة له في التيمّم إرفاقا به ، بل مقتضي الجمع بين الأخبار (٥) فيمن في رجله قرحة مكشوفة التخيير بين الغسل والتيمم ففي بعضها أن يغتسل ويغسل ما حول
__________________
(١) انظر العروة الوثقى أحكام التيمّم ، المسألة ١٨.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٣) النساء : ٤٣ ، والمائدة : ٦.
(٤) منية الطالب ٣ : ٤١٢.
(٥) الوسائل ١ : ٣٢٥ ، الباب ٣٩ من أبواب الوضوء.