وفيه : أنّ عدم الحكم من الملتفت حكم بالعدم ، وهو واضح في المقام ، لقوله : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (١) وحينئذ فعدم حكم الشارع بالضمان في المقام حكم بعدمه. وكذا عدم حكم الشارع بجواز طلاق الحاكم حكم بعدم الجواز ، لقوله : «الطلاق بيد من أخذ بالساق» (٢) وحينئذ فالمقام من مقامات حكم الشارع بالعدم لا عدم حكم الشارع. وحينئذ فلا يجدي هذا الوجه ، لمنع جريان القاعدة أصلا.
الثاني : أنّ قاعده «لا ضرر» تنفي جعل الشارع للضرر لا أنّها توجب تدارك الضرر الواقع ، وفي المقام الضرر واقع فهي لا توجب تداركه. نعم قاعدة «لا ضرر» تحرّم حبسه بغير حقّ وتوجب على الزوج الإنفاق على زوجته وتحرّم عليه عدم الإنفاق لا أنّها إذا امتنع من الإنفاق عليها يجوز طلاقها ، مع أنّ الزوجيّة لو كانت ضرريّة لكانت هي بنفسها منفسخة لكنّها ليست ضرريّة ، وإنّما الضرري عدم الإنفاق وقد رفعه الشارع أيضا بإيجاب الإنفاق وبضمانه لها.
وبعبارة اخرى ، الضرر لم ينشأ من الزوجيّة ، فعلى تقدير وجوب التدارك أيضا قد تداركه بجعل وجوب الإنفاق عليه ، مع أنّ القول بوجوب التدارك يستلزم الالتزام بفقه جديد ، فإنّ من ضرّ في تجارته يلزم على هذا القول بلزوم تدارك ضرره من بيت المال أو الزكاة من سهم سبيل الله ولا يلتزم بهذا أحد. وهذا الوجه متين جدّا.
ويمكن أن تمنع قاعدة «لا ضرر» بأنّ الحكم بالضمان في المقام وبجواز طلاق الحاكم ضرر على الطرف الآخر فيتعارض الضرران فلا تجري حينئذ القاعدة.
إن قلت : إنّ الحابس أقدم على الضرر والزوج بمنع النفقة أيضا أقدم على الضرر ، فلا تجري القاعدة في حقّه.
__________________
(١) الوسائل ١٨ : ١١٩ ، الباب ١٢ من صفات القاضي ، الحديث ٢٨.
(٢) عوالي اللآلي ١ : ٢٣٤ ، الحديث ١٣٧.