ودعوى : كون عملهم بوحي من الله وإلهام ، عهدتها على مدّعيها. وبناء العقلاء من باب الكشف ممنوع أيضا ، لأنّ ليس هناك نوعية ببقاء ما كان ثابتا سابقا كي يحصل البناء.
ثمّ إنّه على تقدير وجود سيرة مستقرّة على ذلك فهل يمكن أن تكون الآيات الناهية عن اتّباع الظنّ وغير العلم (١) رادعة عن هذه السيرة فلا يتحقّق الإمضاء أم لا؟ زعم الآخوند قدسسره إمكان كونها رادعة (٢).
لا يخفى أنّ ما ذكره هنا من إمكان الردع ينافي ما ذكره هو بنفسه في حجّية خبر الواحد حيث استدلّ بالسيرة العقلائيّة ، وذكر هناك أنّ هذه الآيات غير صالحة للردع لأنّه يستلزم الدور (٣) وهذا بعينه وارد في المقام.
نعم في خبر الواحد شيء لا يجري وهو أنّه في الخبر الواحد أشكل على نفسه بأنّ تخصيص السيرة للآيات أيضا دوري ، فبعد عدم صلاحية السيرة مخصّصة للآيات وعدم صلاحية الآيات رادعة للسيرة يرجع إلى استصحاب حجّية خبر الواحد الثابتة أوّل الشرع بالسيرة ، فإنّ الآيات الناهية لم تكن أوّل حكم قطعا. وهذا لا يجري في خصوص الاستصحاب ، لأنّ الكلام بعد في حجّيته.
وهذا الكلام مبنيّ على التوقّف في الخاصّ المتقدّم والعامّ المتأخّر عن التخصيص والنسخ ، أمّا مع الالتزام بالتخصيص كما اخترناه فلا عموم في الآيات لها لتكون رادعة حينئذ ، فالإنصاف عدم صلاحية الآيات للرادعيّة من جهة كونها إرشادية إلى حكم العقل بعدم جواز التعويل في الامتثال على غير العلم أو ما في حكمه من المعذّر.
__________________
(١) يونس : ٣٦ ، والإسراء : ٣٦ ، والنجم : ٢٨.
(٢) كفاية الاصول : ٤٣٩.
(٣) المصدر المتقدّم : ٣٤٨.